المشهد الإعلامي في مصر أصبح مشهدا بئيسا للغاية؛ فالصحافة أصبحت جريمة، وعشرات الصحفيين يقبعون في غياهب السجون والمعتقلات بسبب دفاعهم عن أحلام الناس في العيش والحرية والحياة الكريمة..

ومئات الصحفيين يعانون من الحسرة الألم بعد تكميم أفواهمم واستبعادهم من المشهد الإعلامي وقد أضحى الإعلام أضحى صوتا واحدا للسلطة، ولا مكان للرأي الآخر.

وأصبح الإعلاميون في مقاعد المتفرجين، وقد آثر الكثير منهم السلامة واتجه إلى برامج المنوعات بعيدا عن السياسة ومخاطرها،

تسع سنوات عجاف والوضع جد خطير في ما يتعلق بحرية الصحافة،

بل تم الاختطاف الحقيقي للإعلام بالالتفاف لشراء القنوات التليفزيونية التي يشتم منها رائحة تعدد الآراء،

وتحويلها إلى كيانات هشة تعزف النغمة المطلوبة التي تعزفها وسائل إعلام الدولة، والتي توشك على الإفلاس بسبب فقدانها للمصداقية.

بل وصل الأمر إلى السعي الحثيث من قبل السلطة إلى بيع مبني الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو» المبني التاريخي،

للتخلص من العاملين فيه الذين خرجوا عن صمتهم يطالبون بالحوافز والأجور المتغيرة في وقفات احتجاجية ومظاهرات داخل ماسبيرو مما يدل على أن الظلم فاض عن حده 

والأمر ليس مستغربا في ظل مناخ تسوده الفاشية السياسية والانتقام من الصحفيين والإعلاميين؛

الذين أصبحوا مقموعين مضطهدين تحت وطأة نظام استبدادي اقتحم نقابة الصحفيين واستباح حرمة الصحفيين،

حتى تجرأ الجميع في التطاول على الصحفيين الذين يعملون في ظروف خطرة، مع اعتبار أن الصحافة جريمة،

حيث يوجد عشرات الصحفيين رهن الحبس، والاعتقال بتهم واهية وهي نشر أخبار كاذبة أو الانتماء لجماعة إرهابية ويعانون ظروفا قاسية في الحبس..

 على رأسهم الزملاء:

عامر عبد المنعم – هشام عبد العزيز – بدر محمد بدر – أحمد سبيع – ربيع الشيخ – هشام فؤاد –

محسن راضي – بهاء الدين إبراهيم

فضلا عن عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام

وغيرهم من الزملاء الذين تجاوزوا مدد الحبس الاحتياطي وممنوعين من الزيارة والعلاج وأبسط الحقوق الإنسانية.

«الصحافة المستقلة تموت في مصر»

وقد اعتبرت منظمة «مراسلون بلا حدود» أن «الصحافة المستقلة تموت في مصر»،

حيث يوجد في سجونها حاليا 38 صحفيا اعتقلوا بسبب عملهم،

مضيفة أن مصر تحتل حاليا المرتبة الـ161 بين 180 بلدا في مؤشر حرية الصحافة العالمي.

ومع ارتفاع وتيرة الانتهاكات إزاء حرية الصحافة والإعلام،

يتم حرمان العشرات من الصحفيين المحبوسين من إدخال الأغطية والألبسة الشتوية إليهم في مواجهة البرد الشديد،

وموجة الصقيع التي تشهدها مصر.

وسط هذه الجرائم الوحشية ضد الإعلاميين والصحفيين،

يعاني الكثير من الصحافة من البطالة وعدم وجود فرص عمل بعد هروب المكاتب الصحفية الأجنبية من مصر

والتضييق على الحريات الصحفية وقد أصبحت الصحافة جريمة يعاقب عليها الصحفيون

الغريب أن ما يجري في مصر لا يمكن فصله عن المناخ السائد في عدد من دول العالم التي تشهد عدوانا غير مسبوق على الصحفيين والإعلاميين،

وقد أكد الاتحاد الدولي للصحفيين إن 45 مراسلاً وإعلاميا قتلوا أثناء أدائهم عملهم خلال العام 2021

وقد شهد هذا العام ارتفاعا هائلا في عدد السجناء من الصحفيين،

حيث رصدت لجنة حماية الصحفيين سجن 293 صحفيا حول العالم بسبب عملهم،

إذ لجأت الأنظمة الاستبدادية على نحو متزايد إلى سجن الصحافيين لإسكات الأصوات المعارضة.

وقال المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، جويل سايمون:

«لا تظهر أي إشارة على تراجع الهجوم العالمي الفظيع على الصحفيين والذي اشتد خلال السنوات القليلة الماضية.

من غير المقبول أن يكون هناك 293 صحفياً سجيناً في العالم لمجرد قيامهم بتغطية الأخبار.

ويتحمل الناس المهتمون بتدفق الأخبار والمعلومات الكلفة الأوسع لهذا القمع».

أعتقد أن الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام ليس واجبا على العاملين في الحقل الإعلامي والصحفي فقط،

بل واجب كل الأحرار في أن تصبح الصحافة مستقلة بعيدة عن صراع الدائر على السلطة،

مع التأكيد أن حرية الصحافة ليست هي معركة مهنية قاصرة على صيانة حق الصحفيين في بيئات عمل عادلة ومتنوعة ومستقلة،

ولكنها معركة المجتمعات الحالمة بالتغيير الطامحة إلى النهضة والعاشقة للحرية والكرامة..

هي حلم كل وطني حر أن يعيش في ظل صحافة حرة مستقلة.

من د. منير لطفي

طبيب وكاتب