تشرفت بتقديم ورقة عن التطرف التديني – جذوره وأخطاره، في المنتدى المغاربي السادس، الذي نظمه مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية –

ربما يتيسر نشر الورقة لاحقا، ولكنها تلخصت في أفكار أساسية، يسعدني جدا الإضافة عليها ونقدها :

1- التطرف ظاهرة بشرية لا ترتبط بدين دون آخر، أو بجنس دون جنس، ويمكن توصيفه بأنه : مجاوزة الحدود التي بينها الشرع، أو تصالح عليها المجتمع،

أو تعارف عليهم أصحاب النفوس السوية، والذي يحد من الغلو والتطرف هو وجود ضوابط، ومعايير في الفكر والسلوك تحظر على الإنسان مجاوزة الحد، أو زواجر قانونية تلحق العقوبة بالجناة

2- يتجلى التطرف «التديني» في اختيارات علمية وآراء شاذة أو متطرفة سواء كانت متشددة أو متحللة وقد ينتقل من طور الفكر والاعتقاد والتصور النظري إلى طور الممارسة والتطرف السلوكي ,

ولكن دائرة هذا التطرف تتسع خطرا، إذا تمظهر هذا التطرف في مسلك عنيف لفرض الآراء الدينية أو المواقف السياسية، ويزداد الأمر خطرا وفسادا،

إذا صحب هذا تخطيطا وتنظيما من فرد أو جماعة أو دولة، واستعمالا لوسائل مادية مدمرة لفرض الآراء وتصفية الخصوم، والانتقام خارج نطاق الحروب المشروعة، وهذا ما يمكن تسميته «إرهابا»

3- بينت في الورقة أن التطرف كظاهرة سلوكية واجتماعية شأن أي ظاهرة تتأثر بعدة عوامل، فأسباب التطرف ليست شيئاً واحداً ولكن أسبابه متعددة، ومداخله متنوعة، ومجالاته متداخلة، وليس من الموضوعية والإنصاف إهمال هذا التنوع في وجود الظاهرة.

4- بينت أن التطرف والغلو يدور حول أسباب كُلية أربعة:

أسباب علمية، وأسباب منهجية، وأسباب اجتماعية نفسية، وأسباب سياسية، وأسباب تربوية…

وبينت أن من أخطر ما أصاب الغلاة والمتطرفين هو إتباعهم لأنصاف المتعملين وأنصاف المتفقهين في الدين،

وكذلك الفهم الذري والجزئي للدين والقراءة الظاهرية لنصوص الشرع،

وإهمال المقاصد والكليات وسوء التمييز بين الدين كوحي سماوي وبين التدين كجهد بشري وتنزيل واجتهاد.

5- بينت أن من أعظم أسباب التطرف ومسالك العنف التديني، هي الأسباب السياسية، وذكرت منها:

الاستبداد السياسي، وفصل الدين عن الدولة وعدم تحكيم الشريعة التي يؤمن بها المسلمون، وكذلك إهمال قضايا الأمة الكبرى،

والمعالجات الأمنية القاهرة والظالمة، وقمع المعارضة السياسية للحاكم، وغير ذلك

6- أشرت في الورقة إلى أوجه التقاطع والتداخل بين التطرف والإرهاب،

فالتطرف قد يأخذ شكلا سلبيا للتدين كما يحدث مع بعض الكسالى والخاملين والزاهدين في عمارة الأرض والكون،

وقد يأخذ شكلا نشطا يتمظهر في التعمق في الدين والتشدد فيه والأخذ بالأحوطيات، وغير ذلك،

ولكن أشد أنواع التطرف وأوسعها ضررا هو التطرف الذي يستعمل مسالك العنف لفرض الآراء الدينية أو المواقف السياسية،….

ولهذا يمكن القول أن بين التطرف والإرهاب عموم وخصوص – على رأي علماء الأصول – فكل إرهاب تطرف وليس كل تطرف إرهابا.

7- وأخيرا أشرت لجملة من التدابير والسياسات لتحصين المجتمعات من التطرف والغلو، وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة،

ودور الفرد والأسرة والمجتمع والدولة،وشرائح المجتمع في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة.

—————-

* تعمدت ذكر التطرف التديني لا الديني، إشارة مني إلى أن هناك فرق بين الدين، وبين التدين،

لأن التطرف ليس من الدين في شيء، والمتطرف لا يمثل إلا فكره ونفسه.

* ربما يتطور البحث إلى كتيب صغير، متمنيا من الأصدقاء النقد والإضافة.

من صبغة الله الهدوي

شاعر يحن إلى عالم يرفع فيه المجد راية الإسلام