كتب- أبوبكر أبوالمجد

انطلقت الحرب الروسية في أوكرانيا 24 فبراير الماضي، بعد أيام قليلة من اعتراف موسكو بمنطقتين انفصاليتين في الشرق الأوكراني، وسط توتر غير مسبوق في المنطقة من جهة، وبين الغرب وروسيا من جهة أخرى.

وكما جرت العادة الروسية.. عندما تخفق في المواجهة على الأرض تتبع سياسة الأرض المحروقة.. فعلت ذلك في سوريا وفي الشيشان من قبل.

لهذه الممارسات اللإنسانية للروس سارعت أوكرانيا في اليوم الثالث من المعارك بمطالبة حلفائها الغربيين بفرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي الأوكرانية لتحد من قدرة الجيش الروسي في التخلص من المقاومين الأوكران.

 

حرب عالمية ثالثة

 

مناشدات المسؤولين الأوكران بفرض حظر طيران شامل فوق سماء البلاد لم تتوقف، وآخرها مناشدة الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي أمس الخميس، حلفاءه الغربيين بإغلاق الأجواء.
فلماذا يتردد الغرب، وما الذي يخشاه حلف الناتو والولايات المتحدة؟

أمس الجمعة جاءت الإجابة وبشكل صريح على لسان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، الذي أكد أن فرض منطقة حظر طيران فوق الأراضي الأوكرانية قد يشعل حربًا عالمية ثالثة.

كما أوضح أن هذا القرار يعود إلى حلف الناتو وإلى الاتحاد الأوروبي، لكنه شدد في الوقت عينه على أنها خطوة حادة ومتمادية، قد تدفع الوضع المتوتر أصلا بين موسكو والغرب، على خلفية الملف الأوكراني، فى ما لا يحمد عقباه.
وأضاف الرجل في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” الأمريكية، أن “الاتحاد الأوروبي ليس في حالة حرب مع روسيا، لكن الأخيرة شنت حربًا ضد أوكرانيا، التي ليست عضوًا في الناتو، ولهذا السبب يجب أن نكون حذرين للغاية في تلك المسألة”.

وتابع قائلًا:”نحن بحاجة إلى القيام بكل ما هو ممكن، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن لدى الروس أسلحة نووية، ومن المهم للغاية تجنب حرب عالمية ثالثة”.

كما أوضح أن الأوروبيين يحاولون لهذا السبب التصدي بمختلف المجالات ولكن على المستوى الدبلوماسي، قائلًا: “نحاول تقديم المزيد من الدعم لكييف من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن”.
كذلك اعتبر البيت الأبيض أن إقامة منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا ستجر إلى حرب مع روسيا وهو ما لا يريده الجانب الأمريكي.

وقالت جين بساكي السكرتير الصحفي للبيت الأبيض إن «واشنطن تعتقد أن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا سيستلزم ضرورة قيام الولايات المتحدة بإسقاط الطائرات العسكرية الروسية التي تحلق فوق البلاد، وهو ما سيعني بدء حرب مع الاتحاد الروسي».

وقالت بساكي خلال إفادة صحفية: «هذا بالضبط ما نريد تجنبه».
ورفضت الإدارة الأمريكية مرارًا فكرة إنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا في ضوء العملية العسكرية الروسية الجارية في البلاد.

كما قال البيت الأبيض إن «منطقة حظر الطيران ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن تنفيذها سيتطلب نشر القوات العسكرية الأمريكية، مما قد يعني مواجهة عسكرية محتملة مع روسيا».

وأفاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في وقت سابق يوم الجمعة، أن تطبيق منطقة حظر طيران في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى “حرب شاملة في أوروبا”، وأضاف أن واشنطن ستواصل العمل مع حلفائها “لتزويد الأوكرانيين بوسائل الدفاع عن أنفسهم ضد العدوان الروسي”.

وفي وقت سابق، قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي في بروكسل: “منطقة حظر الطيران فوق أوكرانيا ليست خيارًا يدرسه الحلف، لقد اتفقنا على أنه لا ينبغي أن تعمل قوات الناتو في مجال أوكرانيا الجوي أو أراضيها”.

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، الخميس، إن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا هو قرار من حلف شمال الأطلسي؛ لكنه حذر من “وجود خطر حقيقي بالتصعيد واحتمال وقوع حرب عالمية ثالثة”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإجراء الذي يضعف التفوق الروسي جواً، يتطلب عمليات مكثفة، ويفترض أن تتم عبر طائرات تابعة للدول المنضوية في حلف شمال الأطلسي.

 

إدانة أوكرانية

 

من جانبه، دان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، رفض حلف شمال الأطلسي (الناتو) تطبيق منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا.
وقال زيلينسكي، في خطاب عبر حسابه على فيسبوك: “الناتو تعمد عدم تغطية أجواء أوكرانيا”، وأضاف أن “دول الناتو أوجدت رواية مفادها أن إغلاق الأجواء فوق أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى عدوان روسي ضد الحلف”.

وقال الرئيس الأوكراني إن ” قادة الناتو أعطوا الضوء الأخضر لقصف المزيد من المدن والقرى الأوكرانية، برفضهم تطبيق منطقة حظر طيران”.

ووصف زيلينسكي قمة الناتو، التي عقدت الجمعة وتم اتخاذ القرار برفض تطبيق منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا بأنها “قمة ضعيفة ومشوشة”.
وتساءل الرئيس الأوكراني عما كان يفكر فيه أعضاء الناتو خلال القمة: “كل من سيموت من هذا اليوم سيموت بسببك، وبسبب ضعفك”.
وأعرب زيلينسكي عن امتنانه لدول الناتو التي أبدت دعما لأوكرانيا: “أنا ممتن أيضًا لأصدقاء بلدنا. هناك العديد من البلدان التي هي أصدقاء لنا في الناتو، ومعظم شركائنا، ومعظمهم من أقوياء. شركاؤنا الذين يساعدون بلادنا بالرغم من تلك القرارات “.
وقال الرئيس الأوكراني إنه على يقين من أن بلاده ستنتصر: “منذ اليوم الأول للغزو، أنا متأكد من الانتصار، سنواصل القتال ، سندافع دولتنا سنحرر أرضنا “.

 

عقوبات

 

وقد دفعت تلك الخطوة الروسية الدول الغربية إلى فرض عقوبات موجعة على روسيا، كما أدت إلى دعم الاتحاد الأوروبي كييف بالسلاح النوعي والدفاعي والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات أيضا.