اكتسبت الحركة الإسلامية بكل مجموعاتها حالة من القوة والاعتزاز والاستعلاء في المواجهة؛ بعد حادثة المنصة وإقصاء رأس السلطة؛

بما تمثله وأدوات قمعها من هيمنة شاملة على الواقع، خاصة أن هذا الإقصاء العنيف جاء مبرراً عند قطاعات واسعة،

كما كان ملبياً لشعور شعبي ونخبوي متعطش آنذاك لإيقاف خط سلطوي معين يسير بالبلاد في اتجاه اللاعودة!

وهو ما دفع بالسياق الإسلامي كله -الموافق للحدث والمعارض- إلى خط الاستعلاء المذكور،

وأكسبه حالة من الهيمنة المعنوية الشعبوية في مواجهة السلطة الوريثة التي اتخذت اتجاه المهادنة معه في البداية.

حالة الاستعلاء هذه تلتقي مع معنى أصيل وركيزة أساسية في المنهج الإسلامي؛

ألا وهو الاستعلاء الإيماني، فالتقى المنهج مع الواقع خاصة في الحالة الجهادية، والتجارب أسيرة بداياتها ونقطة انطلاقها.

وعاب هذه النقطة أن الواقع صار إلى حد ما حكماً على المنهج أو هكذا بدا أو ظهر،

واستمر هذا المد والذي كان حتمياً أن يستتبعه الجذر حتى أصيبت الحركة بردة عكسية تماماً

بدأت بوادرها مع هيمنة تيارات تراثية لكنها غير واعية وإنما ولدت جامدة وعقيمة،

وبلغت تلك الحالة المرضية ذروتها بعد انقلاب ٣ يوليو وما تلاه من قمع وتجفيف للمنابع غير مسبوق.

وفي هذا الإطار ينبغي فهم حالة التغول الإلحادي والردة الفكرية والدينية التي يتزعمها أمثال عيسى والقمني ومنتصر والبحيري وغيرهم من هنٍ وهنات وأبناء القذراتِ.

والحل الوحيد يكمن في تفعيل حقيقة الاستعلاء المنهجي المستمدة من الوحي وتقديم الرموز والقدوات

بل والشهداء في مواجهة هذه الظواهر الردية المدفوعة والمقنعة، لكشفها وتعريتها والاستقواء عليها بهذا المنهج وحقائقه الباهرة في كل محطات الصراع؛ لا التدسس والتأنث في مواجهتها.

من عبد الرحمن محمد جمال

مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.