وهي محاذير ترتبط بذات الداعية وبنيته وأخلاقه كشخص، وما لم يراع الداعية هذه المحاذير ويحذرها ربما أغلق الله عليه باب التوفيق والتيسير؛ لأنه كما قال الشاعر:

إذا لم يكن عون من الله للفتى ::: فأول ما يجني عليه اجتهاده

 ومن أهم هذه المحاذير:

 أن تتغير نيته إلى مماراة السفهاء أو طلب دنيا، بعد أن عقد نيته لله تعالى،

وهذا يأتي من استحسانه لعلمه الذي بدأ في تحصيله عند مماراة الناس أو مجادلة بعضهم

أو إجابته على بعض الاستفسارات فيدخل العجب إلى نفسه وتتحول نيته من الله (الطريق الرأسي) إلى الناس (الطريق الأفقي)

مستمطرا مدحهم، ومستجديا ثناءهم، وهذا من أخطر ما يكون على الداعية.

ومن هذه المحاذير الاغترار ورؤية الذات، وهو محذور مرتبط ومترتب على ما قبله، فحين يتجه الداعية ويطلب وجه الناس لا وجه الله، يهتم بذاته،

وتتورم عنده «الأنا»، أولئك الذين ينفخون أنفسهم «كالبالون» حتى ليغطي الورم المنفوخ عن عيونهم كل آفاق الوجود.

ومنها أيضا أن يستطيل على الناس بعلمه ويتكبر به ويتعالى عليهم في لفتة تحقير لمن حوله، حيث يرى أنهم دونه وهو فوقهم بما حصله من علم وعرفه من ثقافات،

وهو من أخطر ما يصرف الناس عن الداعية ويسقطه من اعتبارهم في حين أن الموقف الصحيح للداعية أن يتواضع فضلا عن ألا يلقي بالا بمدحهم له متمثلا قول ابن عطاء الله:

«الناس يمدحونك لما يظنونه فيك، فكن أنت ذامًّا لنفسك لما تستيقنه منها».

•••
(كلمات في صناعة الداعية الفقيه)