كتاب مصالح الأبدان والأنفس لأبي زيد البلخي (أول كتاب يتحدث عن الصحة النفسية).

عندنا في تراثنا العربي والإسلامي من الكنوز المعرفية والعلمية ما اكتشفه الغرب بعد كتابتنا عنه وإبداعنا فيه بألف سنة وأكثر،

ومن ذلك كتاب (مصالح الأبدان والأنفس) لأحمد بن سهل البلخي (أبو زيد) المولود عام 235هـ الموافق 849م، يعني قبل أكثر من ألف ومائتي عام!!

ويعد الكتاب -كما يقول محققه- واحدًا من أهم مفردات المنجز الحضاري الإسلامي في مجال الطب عامة، وحفظ الصحة البدنية النفسية خاصة،

وتَلمَحُ هذه الأهمية، خاصة وعامة، من وجوه لعل أظهرها بكورته الزمنية؛ إذ إن مؤلفه معدود في رجال القرن الثالث الهجري،

فالكتاب، إذن، من المصنفات الأول في ذاته، وإلى بكورته الزمنية

فإنه يعد أول كتاب طبي متخصص يفرِد موضوعات حفظ الصحة

أو ما يسمى اليوم “الطب الوقائي” ويخرجها من عباءة الطب بالمفهوم العام. ا.هـ.

وقد فطن مؤلفه في القرن الثالث الهجري إلى أنه لم يسبق إلى دراسة مثل هذا الموضوع

الذي ركز أساسًا على تشابك الصحة النفسية بالصحة الجسمية على أساس تشابك البدن بالنفس،

كما ركز في علاج اضطراب الجانب الانفعالي في الشخصية على استعمال الفكر والمعرفة إلى جانب تعديل السلوك.

وإذ تناول أبو زيد في دراسته الجانبين: البدني والنفسي؛ فقد ركز في النصف الأول من كتابه على الجانب البدني وكيفية تدبيره بينما تناول في النصف الثاني كيفية تدبير الصحة النفسية.

كما أن الكتاب يعدُّ رائدًا في مجال مقاصد الشريعة؛

إذ يتحدث عن حفظ البدن وحفظ الصحة البدنية والنفسية، وهذا من كليات مقاصد الشريعة الإٍسلامية.

رحم الله أبا زيد البلخي، وعلماءنا الأفذاذ الرواد الذين أبدعوا ما لم تبدعه البشرية، ويبقى الواجب علينا اليوم أن نحيي هذه المعارف،

ونستخرج نظريات العلوم الإنسانية المعاصرة من تراث علمائنا وروادنا، فكم عندنا من النظريات التي يدّعي الغرب إبداعها والسبق فيها،

ونحن أحق بها وأهلها، ولكننا نحتاج إلى رواحل علمية تبرز هذا التراث، وتكشف عن جوانب عظمته.