راقب الله في السر والعلانية

👈 قال الإمام الشافعي رحمه الله: أعزُّ الأشياء ثلاثة؛ الجود من قِلّة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يُرجى أو يُخاف.

وكـان أحد السلف يقول لأصحابه: زهّدنا الله وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة فعلم أن الله يراه فتركه من خشيته.

👈 وقـال أبو الجلد رحمه الله: أوصى الله إلى نبي من الأنبياء أنْ قل لقومك: ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي؟ إن كنتم ترون أني لا أراكم فأنتم مشركون بي، وإن كنتم ترون أني أراكم فلِمَ تجعلونني أهون الناظرين إليكم؟.

👈 وكان وهب رحمه الله يقول: خف من الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك.

👈 وقال بعض السلف: ابن آدم إن كنت حيث ركبت المعصية لم تصفُ لك بسبب عينٍ ناظرة إليك، فلما خلوت بالله وحده صفت لك معصيته، ولم تستح منه حياءك من بعض خلقه. ما أنت إلا أحد رجلين: إن كنت ظننت أنه لا يراك قد كفرت، وإن كنت علمت أنه يراك فلم يمنعك منه ما منعك من أضعف خلقه لقد اجترأت.

👈 ويُروى أن بعضهم دخل إلى غيضة ذات شجر كثيف فقال: لو خلوت ها هنا بمعصية من كان يراني؟ فسمع صوت هاتفاً ملأ الغيضة: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

👈 ويُروى أن أعرابيّا راود أعرابيّة وقال لها: من يرانا؟ ما يرانا إلا الكواكب! قالت: أين مكوكبها؟!

👈 وكان الإمام أحمد رحمه الله ينشد:

  إذا ما خلوت الدهر فلا تقل   …   خلوت ولكن قل عليّ رقيبُ

  ولا تحسبن الله يغفل ساعة   …  ولا إنّ ما يخفى عليه يغيبُ

👈 وكان ابن السَّمَّاك رحمه الله ينشد:

   يا مدمن الذنب أما تستحي     …     واللهُ في الخلوة ثانيكا

   غرّك من ربك إمهالُه  ….    وسترُه طول مساويكا

👈 وقال سليمان التيمي رحمه الله: إن الرجل ليصيب الذنب في السِّرّ فيصبح وعليه مذلّته، وإن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك عليه.

👈 وكان أحد السلف تاجرا يأكل الربا وكان له مال كثير، فكان في بعض طرقه ذات يوم، وإذا بصبيان يلعبون فقالوا: اسكتوا آكل الربا أتى.

فنكّس رأسه وقال في نفسه: يا رب أفشيت سري حتى للصبيان، ربي إني أسير وقد اشتريت نفسي بهذا المال. فتصدق به كله.

فمرّ بهم بعد ذلك في نفس المكان، فلما رآه الصبيان قالوا: اسكتوا العابد أتى. فقال وهو يبكي: يا رب أنت تذم مرة وتحمد مرة وكله من عندك.

👈 وفي الأثر (ما أسرّ عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية؛ إن خيراً فخير وإن شراً فشر)..

       فاللهم استرنا وارزقنا خشيتك في السر والعلن..

من د. عطية عدلان

مفكر وأكاديمي مصري، مدير مركز «محكمات» للبحوث والدراسات – اسطنبول