الألبانِيُّ المُفْترَى عليه..

لا يختلفُ مسلمان منْصفان في أنَّ الألباني قد أحيا علم تخريج الروايات والحكْم عليها وفق قواعد التخريج وعلْم الجرْح والتعديل، قولاً وتطبيقاً.. وله في ذلك عدة مصنَّفات مطبوعة..

وللحقيقة:

فقد قمتُ بنفسي واطّلعتُ على تحقيق «الكوثري، وابن باز، وأحمد شاكر، وأبي غُدّة، وغيرهم» وقارنتُها بعمل الألباني، فألفيتُ الألباني متقدِّماً عليهم، ومتفرِّداً بكثرة النُّقول والاحتجاج بالقواعد، وأقوال علم الرجال من كتبهم، والتحاكم إليهم بطريقة علمية فنيّة رائعة..

وما أنتجه الألباني في هذا المجال، لا يقارَنُ به إنتاجُ أحدٍ من المنتسبين لهذا العلم في زمانه..

ومن أهم هذا الإنتاج العلمي الحديثيّ:

السلسة الضعيفة.. والسلسلة الصحيحة.. وإرواء الغليل.. وصحيح السنن الأربعة، وصفة صلاة النبي، وأحكام الجنائز، وغيرها كثير؛ مما يدل على باعه الطويلة في هذا العلم، وسعة اطّلاعه..

وعليه: فلا يُبغض الألباني، أو يُحقّر من إنتاجه العلمي إلا جاهلٌ، أو حاقدٌ قد أعمى الله بصيرته نتيجةَ ضلاله وافترائه..

والألباني بشر يصيب ويخطئ ويتناقض في أقواله..

وهذا التناقض تجده عند كل المكْثرين من التأليف والتصنيف.. وأنا شخصيّاً أخالفه أحياناً في التصحيح والتضعيف وأردّ عليه بالأدلة..

ومن خلال مطالعاتي لأقوال الأئمة وجدتُ تناقضات لابن حجر، والنووي، وابن تيمية، وغيرهم.

وكم للحنابلة في المسألة الواحدة من أقوال.. وللشافعي مذهبان قديم تراجع عنه، وجديد عليه الفتوى.

وكم من فتوى لمالك رواها عنه تلامذته، ثم قام علماء في المذهب المالكي ليُرجّحوا بين هذه الروايات عن الإمام الواحد في مذهبه..

أما أنَّ الألباني قد ضعَّف بعض الروايات في الصحيحين، فهو لم يبتدع هذا ولم يخترعه،وإنما له أئمة سابقون في هذا..

قال ابنُ  الصَّلاح: هناك أحرفٍ يسيرةٍ تكلم عليها الحُفَّاظ وهي معروفة في الصحيحيْن .

قال  السخاوي: وتزيد على مئتي حديث.

إذن لم يقتحم الألباني سياج الصحيحين،بل سبقه إلى ذلك أئمة..

الخلاصة: الألبانيُّ إمامٌ محدّثٌ عظيمٌ رغم أنُوف المبتدِعة أعداء وخصوم السٌّنّة النبويّة..

وهو بشر يصيب ويخطئ، وقد قال الله تعالى عن القرآن:

(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).

فالاختلاف في الكلام، والتناقض شيء طبيعي في بني بشر..

ويكفي الألباني فخراً بإحياء سنّة التخريج، وقد صحَّ عن نبينا أنه قال:

مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سنَّةً حَسَنَةً، فَعمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْءٌ..

من محفوظ الرحمن

باحث وكاتب، بنغلاديش