مما لا ريب فيه أن لكل داء دواءٌ يستطب به، فإذا وافق الدواء الداء برئ بإذن الله،

ومشكلة التفجيرات والاغتيالات كما ذكرت ذلك في المقال السابق داء خطير، فحريٌّ بالعلماء الغيورين على دينهم وتماسك أوطانهم،

أن يعطوا هذه المشكلة حقها من البحث والدراسة، لعلاجها علاجا صحيحا، وسأذكر لك أخي القارئ الكريم كيفية علاج هذه المشكلة وهذا الداء العضال في النقاط التالية:

(مستفاد من كتاب فتنة التفجيرات والاغتيالات للشيخ مصطفى السليماني)

1- تلقي العلوم الشرعية عن المشايخ المأمونين، والصدق في هذا التلقي،

لا أن ينتسب المرء إلى شيخ معروف بالعلم والحلم، فيأخذ عنه بعض العلوم،

ويأخذ المسائل العامة والمصيرية من الخطباء والشعراء والمتحمسين، سواء كانوا أصحاب تكتلات سرية، أو حزبيات طائفية!!

ثم يجعل ما أخذه عن ذاك الشيخ -وإن كان قليلا- سبيلا يموه به على من لا يحسن معرفة الأمور،

ويدّعي أنه تلميذ العلامة فلان، وأنه درس على يديه عدة سنوات، وكان من المربين إلى الشيخ،

ومن ثم ينفق طيش وحماسة الحدثاء تحت ستار وعباءة الراسخين من العلماء.

2 – الإشادة بجهود العلماء، ونشر مناقبهم، وذكر محاسنهم، وبيان فضل اتباع أهل العلم في الحق؛

حتى تجتمع القلوب عليهم، فإن في اجتماع القلوب عليهم صلاح الدنيا والآخرة.

3 – الرجوع إلى المرجعية الصحيحة في بابها، فكل باب له مرجع: فالفتوى -لا سيما في النوازل- عند أهل الاجتهاد والإدراك، والخصومات عند القضاة والحكام،

ومسائل الطب عند المتخصصين فيه .. الخ،

وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله  ؛ فانتظر الساعة» ( أخرجه البخاري رقم: 59 ) .

4 – نهوض العلماء، وطلاب العلم، والمربيين بواجبهم في العلاج والتوجيه والتربية،

لأن العلماء إذا ماتوا، أو غابوا، أو غُيِّبوا عن الساحة؛

رجع الناس إلى رؤوس جهال فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا، فعلى العلماء المبادرة للعلاج قبل استفحال الخطر .

5 – الاهتمام بمعرفة مقاصد الشريعة وروحها، وقواعدها العامة وكلياتها،

وسلوك منهج أهل العلم في معرفة تحقيق المناط، وإيقاع الأحكام على الفروع والجزئيات، وحسن معرفة المصالح والمفاسد -بميزان الشريعة لا بنظرة الحزبيات-

ويراعى ذلك بتجرد، وإن رأى أن العلماء على خلاف رأيه -في هذه المسائل- فليترك قوله لقولهم،

لأن هذه مسائل اجتهادية تعم بها البلوى، ومبناها على تحقيق المناط، وتقدير المصالح والمفاسد، وليس فيها -عينها- نص صريح لا تجوز مخالفته،

وتقليد منضبط -في هذا الموضع- خير من اجتهاد أهوج يجر على الناس فتنا لا آخر لها، إلا أن يشاء الله تعالى .

6 – نشر مذهب السلف في كيفية التعامل مع المنكرات الظاهرة في كثير من المجتمعات – ومنها الحكم بغير ما أنزل الله

 -فإن مذهب السلف يجمع بين النصيحة الصادقة، وعدم فتح باب الفتنة، وتعطيل الشر أو تقليله -ولو بنسبة يسيرة-

إذا لم يمكن دفع الشر كله، كما أن منهج السلف يقوم على الصبر على الظلم، مع الاشتغال بالدعوة الهادئة .

7 – نشر مذهب السلف في علاج الفكر المفضي إلى التكفير والتفجير .

8 – قيام ولاة الأمور بما أوجبه الله عليهم من الحكم بما أنزل الله في كل صغيرة وكبيرة، والسير في رعيتهم بما أمرهم الله به فإن لهم حقوقا، وعليهم واجبات،

فإن فعلوا؛ فسيجعل الله لهم من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، وسيكفيهم الله شر الفتن الظاهرة و الباطنة، ويدحر عدوهم في الداخل والخارج .

9 – محاربة الغلو بجميع صوره، ويُسلك في  ذلك طريق النصح والمناقشات العلمية الهادئة، التي تكسوها الشفقة والرحمة بالمخالف المحب للحق -وإن ضل السبيل- .

10 – معاملة ولاة الأمور لمن انحرف عن الجادة في الفهم من الشباب معاملة شرعية، تكون عونا لهم على العودة الصحيحة، بفتح باب المناظرات العلمية المتجردة المنصفة،

فإن الحجة لا تدحضها إلا حجة أقوى منها، ولنا في موقف ابن عباس -رضي الله عنهما- في مناظرة الخوارج عبرة وعظة، فقد رجع عدد كبير منهم،

ولا يمنع ذلك من إجراء الأحكام الشرعية على من اقترف جرما.

11 – مراعاة التربية الصحيحة في الأسرة والمدرسة، واختيار الصديق الصالح للأبناء، والحذر من الانجرار وراء العواطف المخالفة لنصائح أهل العلم

12 – الاهتمام بدراسة قصص الأنبياء، والدعاة إلى الله في كل عصر.

هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.