فقير مسرف.. وغني مقتصد

لست أدري ما الفائدة من حرص بعض القراء المعاصرين على إظهار طول نفسهم في قراءتهم؟ علما بأن السُّنة أن نقرأ آية آية..

والله تعالى يقول: وقرآنا فرقناه (أي قطّعناه سورا وآيات وأنزلناه مفرّقا لا مرة واحدة) لتقرأه على الناس على مُكث (أي على مهل وتؤدة وتأن)..

أخشى أن يكون ذلك استدراجا من الشيطان ليتعلَّق المستمع بطول النفس لا بمعنى المتلو وحسن الأداء..

وقد كان كبار القراء كالحصري رحمه الله وغيره لا يبالغون في إظهار طول نفسهم ولا يهتمون له.. وهم أعظم إمكانات وأكثر دقة وأداءً..

وما حال بعض القراء الحاليين والقراء القدامى إلا كالفقير المسرف والغني المقتصد؛

فبعض القراء الحاليين فقراء في الإمكانات مسرفون في إظهار ما لا يستطيعونه.. والقدامى كالغني المقتصد.. يقتصد رغم غناه..

فالبهتيمي رحمه الله مثلا كان طويل النفس جدا، لكن كان يقتصد ولا يبالغ في طول ما يقرأه في نفس واحد.. وكان كثير منهم رحمهم كذلك.

من د. عطية عدلان

مفكر وأكاديمي مصري، مدير مركز «محكمات» للبحوث والدراسات – اسطنبول