لقد هوى كبير الفراعنة فسنة الله أن يلحق به الفراعنة الصغار

من خلال استقراء آيات القرآن الكريم يتبين إنّ سقوط الطواغيت وهلاك وزوال الحكام الظالمين يجري وفق سنة الله تعالى في القوم الظالمين.

قال تعالى:

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ

فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ

وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}

(هود:100-102).

وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} (يونس:13).

وقـال تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} (الكهف:59).

أي موعداً لمهلكم لا يتخلف ولا يتقدم ولا يتأخر إنما يجري وفق مشيئة الله وإرادته تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (القصص:59).

وقال تعـالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} (إبراهيم: 42)،

وقـال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (الأعراف: 182- 183).

هلاك الحكام الطغاة

لقد جرت سنة الله في هلاك الحكام الطغاة في فرعون مصر الذي كان يقول: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}

ويقـول: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} ويـقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}.

لقد وجد فرعون في قومه من الغفلة ومن الذلة، ومن خواء القلب من الإيمان مما جعله يمرر مزاعمه الكاذبة: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}،

لكن نهاية فرعون كانت وخيمة: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ}،

وقد جعل الله نهايته عبرة وعظة لمن شاء أن يتعظ، فقال تعالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}،

واقتضت حكمته إبقاء جثته بعد الهلاك ليستيقن الظالمين من نهايته ولتبقى مثلا جاسماً عيانا أمام ناظريهم وأبصارهم وأنظار مستشاريهم وزبانيتهم،

(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)،

ولكنَّ طغاة اليوم من الفراعنة الصغار تعطلت أفهامهم، وضَلَّت عقلوهم؛

وما علموا أنَّ ما هم فيه من الجاه والسلطان والمال إلا للإمهال، الذي يعقبه الأخذ، ثمَّ السقوط والهاوية، قال تعالى:

{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.

سقوط الطواغيت وزوال ملكهم يجري وفق سنة الله في الظالمين،

قال تعالى:

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ

وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ

وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}،

فبسب تواطئهم فيما بينهم على الظلم بإقراره ومناصرة الظلم والظلمة؛ نزل فيهم أمر الله بالهلاك والدمار والزوال !

ومن ذلك سنة الله في المترفين الفاسدين قال تعالى

{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا متْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}،

لقد جمع كثير من حكام اليوم بين الظلم والطغيان المادي من جهة وبين الفساد الأخلاقي والمالي والترف من جهة أخرى،

باستخدام الأموال التي ينهبونها من مقدرات الشعوب، وعاد فراعنة اليوم الحكام الطغاة أولياء الله من العلماء والدعاة،

وحاربوهم ومارسوا ضدهم القتل والتعذيب والسجن والمطاردة وتكميم الأفواه،

لقد تستر الحكام الطغاة بستار محاربة الإرهاب ليحاربوا دين الله من خلال تطبيق سياسة تجفيف المنابع الدينية مناهضةً لشريعة الله تعالى، وتمرداً على أوامر الله تعالى،

مارسوا الاستهزاء بها وكل أنواع الصد عن دين الله مستخدمين وسائل الإعلام التي تحت أيديهم،

والجنود الذين ربوهم تربية خاصة، وهامان العصر من المستشارين والقضاة الجائرين وطابور المترفين من العلمانيين والليبراليين،

الذين اتهموا دعاة الخير والصلاح بالفساد تماما كزبانية فرعون: (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك).

لقد تناسى الحكام المتجبرون أنَّ الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون،

وأنَّ الله يمهل ولا يهمل، أعماهم الجاه الزائف والسلطان الزائل،

فتناسوا قول تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) لقد تعطل فهمهم، وضَلَّ عقلهم؛

وما علم هؤلاء الطغاة أن الإمهال سنة إلهية يعقبه الأخذ ثمَّ السقوط، قال تعالى:

(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ).

هذه هي سنة الله في الذين ظلموا: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

والحمد لله رب العالمين