مات «حسن حنفي» أستاذ الفلسفة ورئيس قسمها الأسبق فلا تسترخصوا دينكم معه.

أخيرا مات حسن حنفي على ما عاش عليه.

مات وهو القائل في مجلة «إبداع» عدد أكتوبر ١٩٩١م تحت عنوان «تجديد اللغة شرط للإبداع»

قال: وقد أصبح لفظ «الله» مشحونا بمعان قد تخالف ذاته التي لا يعلم كنهها أحد؛ فهو الذي ليس كمثله شيء..

فلا يمكن أن يكون لفظ «الله» لفظا موضوعا في قضية؛ لأنه لا محمول له؛ ولا يمكن التعبير عنه في الفاظ؛

وإذا كان لفظ «الله» يفيد المثل الأعلى فإنه يفيد الحرية عند السجين؛ والخبز عند الجائع؛ والماء عند العطشان؛ والعدل عند المظلوم؛

والكساء عند العاري؛ والمأوى عند اللاجئ؛ والوطن عند الشريد؛

والأرض عند المحتل؛ وهو الشارع عند علماء أصول الفقه؛ الله محبة كما يقول إخواننا الأقباط».

من العقيدة إلى الثورة

مات حسن حنفي الذي قال ولا يزال يقول في كتابه «من العقيدة إلى الثورة» ٤/ ٨٢: و«الكذب؛ والإضلال؛ والغواية؛ وكل القبائح تجوز على الله؛ مادام الله لا يجب عليه شيء».

وفي المصدر نفسه ٢/ ٤٦؛ ٤٧: «ويكشف أي دليل على إثبات وجود الله على وعي مزيف».

مـاتَ حسن حنفي الذي يقول: «وكما أن الله والإنسان شيء واحد؛ فكذلك الله والطبيعة شيء واحد؛ لا فرق بين الخالق والمخلوق» من العقيدة إلى الثورة ٥/ ٤٣١

مات حسن حنفي الذي يقول: «الله لا يتدخل في أعمال العباد؛ ولا يشاء منها فعلا إيجابا أم سلبا؛ لم يخلق شيئا منها ؛ وإلا كان مسؤولا عن المعاصي والقبائح» السابق ٣/ ٦٦.

مات حسن حنفي الذي يقول: «وإذا بان أن الله كذات؛ وكصفات هو الإنسان الكامل؛

كان أول مضمون للإيمان هو الإيمان بالإنسان الكامل؛ وإذا كان لفظ «الله» في القرآن مقرونا بلفظ «الأرض» (وهو الذي في السماء الاه وفي الأرض إلاه)

كان الإيمان بالله هو في نفس الوقت إيمان بالأرض؛ فقد تعود الأرض تحت الأقدام بعودة الأرض إلى الله في قواعد الإيمان» المصدر السابق ٤/ ٢٥٦

احتلال الأرض

مات حسن حنفي الذي يقول: (إن احتلال الأرض إنما نتج عن إسقاط الأرض كقيمة من وعينا القومي في الألف عام الأخيرة؛ وبقاء الله خارج الأرض؛

والأرض خارج الله في حين جعلت الصهيونية الله والأرض وحدة لا تنفصم؛ وأخذت منا سبب قوتنا؛ ووضعنا بأيدينا في نفوسنا أسباب ضعفنا؛

وبالتالي فإنه يمكن إعادة التوازن إلى وجداننا القومي بالعودة إلى الوحدة الأصلية بين الله والأرض…؛

فكل من يحتل الأرض فقد احتل «الله» وكل من يستولي على الأرض فإنه يكون قد استولى على الله؛

وعلى هذا النحو يتحول إيمان الناس إلى مقاومة للاحتلال؛ ويتحرر «الله» السجين) الدين والثورة ٢/ ٤٢.

مات حسن حنفي الذي يقول: «عشنا في نظم التسلط والقهر؛

وغياب الرأي المعارض لأن الله دعانا لطاعة الله؛ ولطاعة الرسول؛ وأولي الأمر منا؛

وغاب الإنسان من وعينا لأن (كل من عليها فان) حوار المشرق والمغرب ٢٦.

مات حسن حنفي الذي يقول: عذاب القبر تصور شعبي للظلام والهواء الراكد؛ والرائحة العفنة؛ والوحدة؛ والعزلة؛ والوحشة

«من العقيدة إلى الثورة٥/ ٩٠»

بالنسبة لشخص النبي

مات حسن حنفي الذي يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: أما بالنسبة لشخص النبي -صلى الله عليه وسلم على رغم أنفه وانف عاشقه البيومي-

فلا يلزمه زكاة مال لأنه اختار أن يكون عبدا؛ والعبد لا زكاة عليه؛ فلم يورث؛ ولم يورث..

وتجوز الكبائر على الأنبياء حاشا الكذب في البلاغ؛

وقد يجوز للنبي الكفر بعد الرسالة؛ وجميع المعاصي الصغار والكبار بما في ذلك قتل النساء؛ وتعريضهن؛ وتفخيذ الصبيان.

 من العقيدة إلى الثورة ٥/ ٥٤٢.

مات حسن حنفي على ذلك ؛ مات وهو لا يزال يقول: والحقيقة إن إبليس هو رمز الحرية والرفض وتحدي الإنسان

السابق ٤/ ٢٢١

وفي المصدر نفسه ٥/ ٢٤: لم يكن إبليس مخطئا في الرفض؛ ولم يكن مستكبرا؛ بل كان واعيا نظريا؛ ومحققا لفعل الرفض؛ ولكنه أخطأ في تحليل الموقف

مات حسن حنفي الذي ظل يقول:

إن الناصرية موجودة في قلوب الناس وكأنها حلم حياتهم المعرض في الماضي.. فالمستقبل للناصرية الشعبية التي هي استرداد للناصرية القديمة.

حوار المشرق والمغرب ٧٨؛ ٧٩.

مات حسن حنفي الذي يقول: القبح أصلا لا وجود لخ؛ فالقبح درجة من درجات الحسن؛

أو هو وجهة نظر فردية خالصة قائمة على الهوى أو الغرض؛ أو المصلحة.

من العقيدة إلى الثورة ٣/ ٤٠١.

إياكم أن تصلوا عليه

مات حسن حنفي الذي تلك بعض آثاره؛ وأنا أعلم صداقته للدكتور حسن الشافعي الذي كان كثيرا ما يمازحه بقوله: أنت حسن حنفي وأنا حسن الشافعي.

مات حسن حنفي فلا تسترخصوا دينكم فيه وأطلقوا عنده «أذكروا محاسن.. أو تسترخصوا عنده الدعاء بالرحمة

هذا هو حسن حنفي قد عاين أمر آخرته؛ فإياكم ثم إياكم أن تصلوا عليه قبل أن تسألوا أهل العلم منكم

اللهم لا تدخلنا مدخله؛ ولا تؤاخذ الصالحين من أهله ببعض جرائمه. واهتك ستر كل من سعى في هواه؛ وادخله مدخله أن لم بترا علانية منه.

وأخيرا أقول له: يا حسن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدت ما وعد ربك حقا.

الآن لن تلقى الوزير الذي جعلته أمينا عاما لجمعيتك بعد الوزارة ليدافع عنك وقبل مأزورا غير مأجور؛

ولا ابن بيومي الذي رفعك فوق مستوى كل المفسرين؛ ولا الشيخ الذي قال فيك في صحيفة الأهرام ٢٦مايو ١٩٩٦ انه لا يعلم عنك إلا كل خير؛

وأنه يبرئك وينزهك مما نسب إليك؛ ستجده إن شاء الله في أسوأ محل على (ما وعد الرحمن وصدق المرسلون)

من سعيد المرتضي سعدي

باحث الدكتوراه، جامعة شيتاغونغ الحكومية، شيتاغونغ، بنغلاديش مدير، مدرسة الحضارة الإسلامية.