ما من شك في أن التغيرات في السودان التي أطاحت بعمر البشير كانت لها تداعيات سلبية على وضع حماس في السودان. البرهان الرئيس السوداني،

وحمدوك رئيس الوزراء يقودان السودان نحو التطبيع مع (إسرائيل) لذا وقع السودان على اتفاقية أبرهام مع (إسرائيل)،

لاحقا بدولة الإمارات ومملكة البحرين. نظام السودان الجديد أحدث انقلابا كبير على سياسات البشير،

إذ اقترب من أميركا واستجاب لمطالبها وشروطها لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بحسب التصنيف الأميركي،

وكان من شروط التقارب مع أميركا الاعتراف (بإسرائيل) وتطبيع العلاقات معها،

وكانت مجموعة من دول الخليج قد أغرت السودان على التطبيع، وعلى مناهضة حماس ومعاقبتها، في مقابل مساعدات مالية.( دراهم بخس معدودات؟!).

حكومة حمدوك تصادرة أموال رجال أعمال فلسطينيين

في ضوء هذا المتغير الكبير، وربما الجذري على السياسة السودانية التاريخية،

كان من المتوقع عند حماس أن تتخذ حكومة حمدوك إجراءات عقابية ضد وجود حماس في السودان، وضد رجال الأعمال الفلسطينيين، بتهمة التعاون مع حماس.

ما توقعته حماس حدث إذا قامت حكومة حمدوك بمصادرة أموال رجال أعمال فلسطينيين وممتلاكاتهم، وزعمت أن هذه الأموال والممتلكات تعود لحماس،

وهذا ما نفته حركة حماس نفيا قاطعا، وناشدت الرئيس البرهان ورئيس الوزراء حمدوك بالتدخل الشخصي للمحافظة على أموال وممتلكات الفلسطينيين.

ربما لا يتوقع أحد أن تحدث استجابة إيجابية من البرهان وحمدوك، لأن ما يجري هناك هو بعض مطالب وشروط أميركا (وإسرائيل)،

وهو ثمن طبيعي لمن يريد أن يكون في السلة الأميركية، وقد سبقت السودان دول أخرى دفعت الثمن نفسه لترضى عنها أميركا (وإسرائيل).

إذاكانت هذه الدول (أعني العربية) قد قررت نفض يدها من واجبات القضية الفلسطينية،

وضحت بمفهوم الإسلام والقومية العربية ومستلزماتهما، لصالح الحالة القطرية الضيقة،

ولو على حساب الفلسطيني، وقضيته العربية الإسلامية، فهذا يعني أن هذه البلاد لم تعد تؤمن بالعروبة محررة لفلسطين،

أو بالعروبة معينة للفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وبالتالي يمكن القول بأن الخسارة مزدوجة:

الفلسطيني يخسر موقف هذه الدول التاريخي، وهذه الدول تخسر نفسها وتاريخها، وتحتضن (إسرائيل)

الدولة إلى تحتل الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟! وهذه تجارة خاسرة لا ربح فيها؟!

بقيت في المقال كلمة لا بد من قولها للوزير أحمد مجدلاني الذي رحب بمصادرة أموال وممتلكات رجال الأعمال الفلسطينيين، ووصفة بالحكيم،

وطالب حكومة حمدوك بإرسال هذه الأموال المصادرة للسلطة؟!

هذا الترحيب وتلك المطالبة مجللة بثوب من العار لا يلبسه مجدلاني وحده،

بل تلبسه حكومة محمد اشتية بكاملها، لأنها تحتضن هذا الشامت بعثرات غيره من الفلسطينيين، وممن يقاومون الاحتلال والاستيطان،

ويصطف بترحيبه إلى جانب دولة الاحتلال. سيد مجدلاني: مبارك عليك فريقك الذي تواليه من دون الله، غدا تحشر معه إن شاء الله؟!

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏