انتهى مؤتمر الشراكة والتعاون في بغداد قبل أيام.

المؤتمر حضرته إلى جانب العراق مصر والسعودية وقطر والإمارات وإيران وتركيا وفرنسا.

المؤتمر يستضيف شركاء كانوا متشاكسين. فهل تصالحوا؟! ربما؟!

 قطر كانت على خلاف مع الإمارات والمملكة. وتركيا على خلاف مع الإمارات،

وعلاقاتها فاترة مع المملكة، مصر على خلاف مع تركيا، بغداد بينها وبين تركيا قضايا خلافية،

إيران متخالفة مع الحاضرين، ومتهمة من الحاضرين بالتوسع والتدخل في الشئون العربية.

هذا التجمع المهم والنادر دفع بعض المحللين للقول:

من جمعهم؟! ولماذا في هذا التوقيت ؟! وما هي موضوعات اللقاء؟! وأقول هل كانت فلسطين القضية حاضرة؟!

أبدأ بالسؤال الأخير فأقول لم تكن فلسطين حاضرة، لا كقضية، ولا كممثلين؟!

لأن الموضوع الذي يقاربه المجتمعون هو استقرار العراق حال انسحاب القوات الأميركية منه، وهو انسحاب قريب محتمل.

ويبدو أن أميركا شجعت الأطراف على الاجتماع وعلى التصالح فيما بينهم. التقى أمير قطر بالرئيس المصرى، والتقى قيادة الإمارات،

واتصل أردغان بقيادة الإمارت، وقالت تغريدة وزير الخارجية قراقاش: إنه اتصال مهم ودافئ.

كل الاطراف التي حضرت المؤتمر لها وجود في العراق، أو قل لها اهتمام في استقرار العراق،

تجربة أفغانستان الأخيرة وما حدث من فوضى وقتل في كابل بعد الانسحاب، تبعث على قلق العراق، وأميركا وكل الأطراف المتواجده في العراق والمهتمة باستقراره.

دول الخليج ومصر وتركيا لا يريدون أن تحل إيران محل التواجد الأميركي. وإيران تجد في المؤتمر ولقاء قادة الخليج والمملكة مصلحة لها قلما تتكرر.

لا بأس من المصالحة وإن كانت عند البعض شكلية، المهم أنهم التقوا وتحدثوا، وغدا يتفقون إن صدقت النوايا؟!

المصادر الناقدة للنظام العربي تقول:

لتركيا مشروعها في المنطقة. ولإيران مشروعها في المنطقة، والغائب عن المنطقة هو المشروع العربي.

نحن قد نعلم ماهية المشروع الإيراني، وماهية المشروع التركي،

ولكن لا نعلم شيئا عن ماهية المشروع العربي؟! ما ملامحه؟! ما غايته؟! من من الدول تقوم عليه؟!

النظام العربي لا يملك مشروعا موحدا متفق عليه، وما هناك لا يتجاوز المشاريع القطرية، التي تلتقي أحيانا،

وتختلف غالبا، لذا قالوا عن رجال المؤتمر شركاء متشاكسون، تصالحوا أمام الكاميرا، واستجابوا لمطالب الراعي الكبير،

استجابة تلتقي بخوفهم أيضا من فوضى في العراق إذا لم يلتقوا ويتفاهموا.

وفي السياق نفسه عبر مسئول الموساد السابق يوسي كوهين عن تخوف «إسرائيل» من فوضى في العراق، على شاكلة فوصى كابل، وخشيته هي أن يمتد تأثيرها إلى «إسرائيل».

وهنا أقول إذا كانت دولة الكيان تخاف الفوضى في العراق، فحري بدول جوار العراق أن تكون أشد خشية، ولذلك التقوا رغم خلافاتهم،

ونحن في فلسطين ندعم استقرار العراق حتى وإن كنا غائبين عن المؤتمر.

ونقول إن الفوضى التي يصنعها الاحتلال الإسرائيلي لا تقل خطر عن فوضى محتملة. نحن في فلسطين نعيش فوضى قائمة،

وفوضى العراق محتملة، وكان يجدر بالمجتمعين استحضار تداعيات الاحتلال الإسرائيلي الذي يصرب في غزة، وفي لبنان،وفي سوريا،

ويخوض معركة في البحر مع إيران، ويهدد بقصف مراكز حيوية في البرنامج الإيراني. وهو قصف إن حدث سيشعل المنطقة بشكل كامل، ويخلق فوضى لا قبل للمنطقة بها؟!

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏