لا شك أن انعقاد قمة عربية ثلاثية ضمت مصر والعراق والأردن في العاصمة العراقية بغداد أثلج صدري وصدر كل عربي ليس فقط لأن انعقاد القمة يعكس رغبة الدول الثلاث لتوثيق آليات التعاون والتنسيق فيما بينهم ولكن لأن ذلك أيضا أحد أهم الوسائل الناجعة للحد من النفوذ الإيراني في العراق الذي وبكل أسف أصبح لقمة سائغة للإيرانيين منذ العام 2003 فأي دور عربي وخاصة “المصري” المفترض في العراق يعني محاولات مطلوبة لإعادة العراق للحضن العربي بشكل عملي بعيدا عن الخطب والشعارات القومية أو العروبية الجوفاء إذ العراق في حاجة فعلا لأن تبذل القوى العربية جهدا جادا ودؤبا ليستشعر العراق أن العرب لن يتركوه فريسة لمشاريع توسعية في المنطقة. 

وتتضاعف سعادة المراقب لجهود التعاون بين الدول الثلاث عندما تتجسد في توافق بينهم حول مشروع عملاق كمشروع الشام الجديد الذي ورغم طرحه كفكرة منذ العام 2014 إلا أنه وعلى ما يبدو فإن الدول الثلاث بدأت تنظر إليه على محمل الجد الأمر الذي يرجح أنها ستعمل على تنفيذه خاصة وأن كل التطورات الحادثة في المنطقة تدفع إلى ذلك.

والحقيقة أن لمثل هذا المشروع أهميتين كبيرتين أحدهما اقتصادية والأخرى سياسية فعلى المستوى الاقتصادي ستستفيد كل من الدول الثلاث حزمة من الفوائد العائدة من التوظيف الجيد لإمكانياتها وموقعها الجغرافي ما يساهم بشكل كبير في مواجهة العديد من التحديات الاقتصادية التي تواجه كل من الدول الثلاث خاصة في مجالي الطاقة وأزمة البطالة.

وأما الأهمية السياسية لهذا المشروع في الإطار الإقليمي وهو ما يشغلنا بالأساس فهي في غاية الخطورة إذ نجاح المشروع يعني ضربة قوية وموجعة للمشروع الإيراني التوسعي والذي يتخذ من العراق منصة انطلاق ومصدر قوة لا يمكن على الإطلاق الاستغناء عنه إذ من بين ما يتضمنه مشروع الشام الجديد توريد مصر لاحتياجات العراق من الكهرباء التي يعد نقصها واحدة من أهم المشكلات التي تستغلها إيران لممارسة الضغوط على الحكومة العراقية ومن ثم فإن توافر هذه الاحتياجات سيحد من استغلال إيران لهذه الورقة.

في هذا الإطار فإنه ليس من المنتظر أن تتعاطى إيران مع هذا المشروع وغيره من آليات التعاون العربي مع العراق برضا وبقبول بل إنها ستعمل على إجهاض كل المشاريع المحتملة بكل السبل الممكنة المعلنة وغير المعلنة حتى لو بدا ظاهريا في الوقت الراهن أنها غير معنية بالأمر أو أنها تدفع للمزيد من التعاون بين العراق وغيره من البلدان العربية الأمر الذي يستلزم من الأطراف الفاعلة في هذه المحاور أو التحالفات أن تكون يقظة وباستمرار لأية تحركات تعمل على إجهاض هذه المشاريع وأن تسرع هذا لأطراف من اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ المشاريع على أرض الواقع.

من عاطف السيد

كاتب وباحث مصري