قالت وزارة المالية السودانية، في بيان، إن السودان حرّر أسعار البنزين والديزل بالكامل، الثلاثاء، مضيفة أن الأسعار السابقة ستُلغى وستُطرح بدلاً منها أسعار جديدة، قالت إنها تتماشى مع تكاليف الاستيراد.

يأتي ذلك في وقت يطبق فيه السودان إصلاحات صارمة يراقبها صندوق النقد الدولي على أمل إنعاش اقتصاده والحصول على إعفاء من الديون واجتذاب التمويل.

لكن الإصلاحات مؤلمة؛ إذ ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 363% في أبريل/نيسان، حيث قال مسؤولون سودانيون وصندوق النقد الدولي إن الإصلاحات، التي تضمنت خفضاً حاداً لقيمة العملة، ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الأعباء على المواطنين.

أما التحرك الذي اتخذه السودان بشأن أسعار البترول فهو الأحدث في سلسلة من زيادات أسعار الوقود،  فقد قالت وزارة المالية إن الأسعار في المستقبل ستتحدد بتكلفة الاستيراد والنقل والضرائب وهوامش الربح.

كما أوضح بيان المالية السودانية أنه وفقاً للتكاليف الحالية، فإن سعر البنزين تحدد عند 290 جنيهاً سودانياً للتر، ارتفاعاً من 150 جنيهاً. وتحدد سعر الديزل عند 285 جنيهاً للتر، ارتفاعاً من 125 جنيهاً.

وأضاف البيان أن القرار “وجه بتكوين لجان متخصصة لدراسة كيفية توفير دعم مباشر لقطاعات الزراعة والكهرباء والمواصلات لتعويض هذه القطاعات عن عبء ترشيد دعم الوقود”.

أما عن الدافع لمثل هذا القرار، فقد أوضح بيان وزارة المالية أن سياسة تحرير أسعار الوقود “التي أتت متأخرة جداً كفيلة بإزالة العديد من التشوهات في الاقتصاد، حيث تنفق الدولة حوالي المليار دولار سنوياً كدعم للمحروقات”.

يذكر أنه في فبراير/شباط الماضي، قررت الحكومة السودانية تعويماً جزئياً للعملة المحلية، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.

فيما تراجع إنتاج السودان من النفط، بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، من 450 ألف برميل يومياً إلى 60 ألف برميل يومياً، ما دفع البلد إلى استيراد أكثر من 60% من احتياجاته النفطية.

كما يعاني السودان من أزمات متجددة في الخبز والدقيق والوقود وغاز الطهي، إضافة إلى تدهور مستمر في عملته الوطنية.

إصلاحات اقتصادية

يأتي ذلك طبقًا لطلبات صندوق النقد الدولي بإلغاء الدعم على المحروقات، والتي يسميها الصندوق إصلاحات اقتصادية.

كان صندوق النقد الدولي أجاز في سبتمبر (أيلول) 2020 اتفاقية وقعها في وقت سابق مع حكومة السودان الانتقالية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية خلال 12 شهراً من شأنها أن تؤدي إلى تقديم دعم اقتصادي للسودان، بالإضافة إلى إعفائه من ديونه الخارجية، كما تمهد الطريق لحل الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الشعب السوداني وإصلاح التشوهات الهيكلية التي خلفها النظام السابق، فضلاً عن تحقيق الاستقرار المطلوب لتحقيق السلام العادل والمستدام في جميع أنحاء البلاد.

وبحسب وزيرة المالية المكلفة في السودان، هبة أحمد، فإن “تنفيذ الإصلاحات اللازمة ستنتج فوائد ملموسة للشعب السوداني من أهمها إعفاء متأخرات ديون السودان بموجب وصول البلاد إلى نقطة القرار الخاصة ببرنامج البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك)، والتي ستمهد الطريق لإعفاء البلاد من ديونها التي تقارب 60 مليار دولار في نهاية المطاف”. وأشارت إلى أن برنامج صندوق النقد الدولي “سيتيح للسودان الحصول على تمويل للمشاريع التنموية والإنتاجية الكبرى في كل أنحاء البلاد، مثل مشروع الجزيرة، وموانئ بورتسودان، وسكة حديد السودان، والنهضة بالثروة الزراعية والحيوانية وبالصناعة والصحة والتعليم والبنية التحتية”.

وأكدت أن “تنفيذ البرنامج سيجعل السودان مؤهلاً للحصول على أكثر من 1.5 مليار دولار سنوياً من المنح التنموية المباشرة لتحفيز الاستثمار وإنعاش الاقتصاد لخلق فرص عمل خاصة للشابات والشبان وزيادة الإيرادات والصادرات”.

وسبق أن اتفقت حكومة السودان وصندوق النقد الدولي في يونيو (حزيران) الماضي على وضع خطة وبرنامج لمدة عام تقوم الحكومة بتنفيذه، وعلى غرار هذه الخطة الاقتصادية، تستطيع الخرطوم طلب مساعدات عبارة عن منح وقروض لتنفيذ مشروعات تنموية إلى جانب إعفاء ديونه المتصاعدة سنوياً بسبب عجزه عن سدادها منذ حقبة الحكومة السابقة.