قال شيخ الأزهر، أحمد الطيب، إن ملكية الموارد الضرورية لحياة الناس ليست حكراً على دولة بعينها تتفرد بالتصرف فيها، مطالباً دول العالم بالتصدي لهذه التحركات التي أكد أنها تضر بالحاجات الضرورية للناس.

جاء ذلك في كلمة له خلال احتفالية الأمم المتحدة باليوم العالمي للبيئة، التي أقيمت ‏الجمعة 4 يونيو/حزيران 2021.

فقد أكد شيخ الأزهر أنه “لا ‏يصح بحال من الأحوال، وتحت أي ظرف من ‏الظروف، أن تُترك هذه الموارد ‏ملكاً لفرد، أو أفراد، أو دولة تتفرد بالتصرف فيها ‏دون سائر الدول المشاركة لها ‏في هذا المورد العام أو ذاك”.

كما شدّد على أن “ادِّعاء مِلْكيَّة بعض الموارد الطبيعية والاستبداد بالتصرف فيها بما يضر بحياة دول أخرى يعدّ من الإفساد في الأرض، الذي يجب أن يتكاتف العالم لوقفه قبل أن تنتقل عدواه إلى نظائره من البيئات والظروف المشابهة”.

الطيب لفت إلى أن “الدين ‏عند من يؤمن به ويحترم قوانينه، يحكم ‏حكماً صريحاً بأن ملكية الموارد الضرورية ‏لحياة الناس هي ملكية عامة”.

في حين أوضح أن “الماء بمفهومه الشامل، الذي يبدأ من ‏الجرعة ‏الصغيرة وينتهي بالأنهار والبحار، يأتي في مُقدمة الموارد الضرورية التي ‏تنص ‏شرائع الأديان على وجوبِ أن تكون ملكيتها ملكية جماعية مشتركة، ومنع ‏أن يستبد ‏بها فرد أو أناس، أو دولة دون دولٍ أخرى، فهذا المنع أو الحجر أو ‏التضييق على ‏الآخرين، إنما هو سلب لحق من حقوق الله، وتصرُّف من ‏المانع فيما لا ‏يملك”.

فيما تابع: “إن الله تعالى لمّا جعل الماء هو أصل الحياة على اختلاف أنواعها خص نفسه سبحانه بتفرده بملكيته وبإنزاله من السماء إلى الأرض وجعله حقّاً مشتركاً بين عباده، وأن أحداً من عباده لم يصنع منه قطرة واحدة حتى تكون له شبهة تملُّك تخوله حق تصرف المالك في ملكه، يمنحه من يشاء ويصرفه عمن يشاء، وأن من يستبيح ذلك ظالمٌ ومعتدٍ يجب على الجهات المسؤولة محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً أن تأخذ على يديه وتحمي حقوق الناس من تغوُّله وإفساده في الأرض”.

يأتي حديث شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في الوقت الذي تخوض فيه مصر والسودان مفاوضات عسيرة مع إثيوبيا من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة لإدارة سد النهضة، الذي تريد أديس أبابا التحكم من خلاله في مياه نهر النيل والتأثير على دولتي المصب: السودان ومصر.

في سياق متصل، قالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، السبت 5 يونيو/حزيران 2021، إنَّ “تعنُّت إثيوبيا قد يجر المنطقة إلى مزالق لا تحمد عقباها”.

جاء ذلك في سياق تعليق “المهدي” على أزمة سد النهضة الإثيوبي، خلال لقاء عن بُعد عقدته مع وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وفق بيان للخارجية السودانية.

حيث قدمت الوزيرة، خلال اللقاء، “موقف السودان من الإجراءات الأحادية التي اتخذتها إثيوبيا بشروعها في المرحلة الثانية لملء السد دون التوصل إلى اتفاق ملزم حول القضايا الخلافية”، وفق البيان.

فيما أكدت “المهدي” سعى السودان لحل الخلافات حول السد سلمياً عبر وساطة الاتحاد الإفريقي، وأن ما وصفته بتعنت الطرف الآخر (إثيوبيا) قد يجر المنطقة إلى مزالق لا تُحمد عقباها، بحسب قولها.

بينما لم يتسنَّ الحصول على تعليق فوري من الجانب الإثيوبي بشأن هذه الاتهامات، غير أن أديس أبابا حمَّلت مصر والسودان سابقاً مسؤولية “عرقلة” المفاوضات المتعثرة منذ أشهر، مؤكدةً أن السد لن يسبب أضراراً للبلدين، وسيستخدم في التنمية وتوليد الكهرباء.

من جهته أكد الوزير المغربي، طبقاً للبيان، “دعم المغرب للسودان في قضية سد النهضة”، مشيراً إلى عضوية بلاده للجنة التي كوَّنتها جامعة الدول العربية لاستقطاب الدعم الدولي لموقف السودان ومصر.

تأتي تلك التطورات في أعقاب الفشل المستمر لمفاوضات “سد النهضة” منذ فترة طويلة.

فقد خاضت مصر والسودان وإثيوبيا عشرات الجولات التفاوضية، خلال السنوات العشر الماضية، دون التوصل إلى اتفاق نهائي، وسط مخاوف لدى مصر والسودان من خفض حصصهما المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على الترتيب.

كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد صرّح في 30 مارس/آذار الماضي، بأن “مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”، وذلك في أقوى لهجة تهديد لأديس أبابا منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات.

فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بعقد اتفاقية تضمن حصتهما السنوية من مياه نهر النيل‎.

في حين تصر إثيوبيا على ملء ثانٍ لـ”سد النهضة”، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن السد الواقع على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لنهر النيل، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح السودان ومصر، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.

بينما أعلن كبير مفاوضي السودان بملف السد، مصطفى حسين الزبير، خلال مؤتمر صحفي، 25 مايو/أيار الماضي، أن إثيوبيا بدأت بالفعل الملء الثاني للسد، وهو الإعلان الذي نفاه آنذاك وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي.