من معالم شهر رمضان ليلة القدر

ولقد احتفي القران الكريم بفضلها في سورة كاملة سميت بسورة القدر

كذلك احتفت بها السنة النبوية ، وذلك في قول النبي صلي الله عليه وسلم:

من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ومن السنة العملية ما روي ان النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله وأيقظ أهله.. وكان إذا دخل رمضان يجتهد في رمضان مالايجتهد في غيره ، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره.

كذلك تضافرت الأحاديث والأخبار علي أنها في العشر الأواخر وأنها في الوتر من الليالي ، ومنها ما روته السيدة عائشة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:

تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ..

ولقد كان من حكمة الله تعالي، ورحمته بعباده، أن جعلها غامضة مبهمة في العشر الأواخر من رمضان،

ليتحراها المسلمون وتعلو همتهم، ويشتد طلبهم، ويحيوا الليالي الأخيرة كلها بقيام وعبادة ودعاء..

والسؤال المطلوب الإجابة عليه هو:

كيف نحتفي اليوم نحن المسلمين بليلة القدر؟

أولا: أن الاحتفاء بها يأتي استجابة لما صنعه القران والسنة، كما أن الاحتفاء لا يكون إلا لشيء ذي قدر ومنزلة ومكانة..

ولاشك أن ليلة القدر تستمد منزلتها ومكانتها من أنها كانت الزمن الذي اختاره الله تعالي  لنزول القران الكريم فيه فقال تعالي (إنا أنزلناه في ليلة القدر)

والمراد أن نزوله قد بدأ في هذه الليلة ، وكان من حكمة الله ان يتضمن القران بيانا خاصا بزمن نزوله

إذ أن حدثا بهذا القدر ما كان للبشر أن يتعرفوا عليه الأمن خلال القران نفسه .

ثانيا: لقد أشارت سورة القدر إلى أمرين في غاية الأهمية هما: نزول الملائكة إلي الأرض، وانتشار الروحانية (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم)

ومع انتشار الملائكة وانتشار الحالة الروحانية،  يتحقق السلام لأهل الأرض،

ولا يشعر بكل ذلك إلا من احيوا ليلة القدر.

ثالثا: أن الاحتفاء بليلة القدر هو احتفاء بالمعاني والقيم التي تضمنتها أو تنزلت فيها وليس بمجرد القراءة والدعاء والصلاة؛

إذ ما قيمة القراءة والدعاء والصلاة إذا لم يعقبها تكريم وتقدير لهذه المعاني وتلك القيم. 

ليلة القدر مهرجان كوني اشتركت فيه الارض والسماء والملائكة

كيف تحولت ليلة القدر من حقيقة ضخمةالي أسطورة من الأساطير التي تحكي حكايات الثروة التي تهبط من السماء علي الموعودين في هذه الليلة ؟

وكيف تم اختزال ليلة القدر في مجرد أدعية تشمل أمور الدنيا والاخرة،

حتي تحول الامر من عمل ودعاء ، إلى دعاء بغير عمل وأصبح الدعاء بديلا عن السعي والعزم والعمل والكفاح والصبر والإرادةوغير ذلك مما امد الله به الإنسان من قوي وطاقات تمكنه من القيام بواجب الخلافة والاعمار؟؟

اما حقيقة ليلة القدر فهي انها تضمنت (حدثا ) كونيا كبيرا هو حدث نزول القرآن والوحي والرسالة…

هذا الحدث كان بمثابة مهرجان كوني اشتركت فيه الارض والسماء والملائكة وربما عناصر اخري

ففي هذه الليلة :

-بدأ نزول أول ايات القران
-ونزلت الملائكة من السماء الي الارض باذن ربها
-وعم السلام كل أرجاء الارض لأن صوت القران هو صوت السماء الذي جاء لينشر السلام الامان ..
لقد وضعت هذه الليلة قيما ومبادئ جديدة للحياة وأرست اسسا وموازين لم تعرفها البشرية قبل نزول القران ..
كما انهاحملت الي الناس جميعا معالم الحياة الحرة الكريمة لجميع البشر ..
من أجل ذلك ينبغي أن يجعل المسلمون ليلة القدر (عيدا) لنزول القران ..

ويكون الاحتفاء بليلة القدر احتفاء بالقران الكريم الذي سجل هذا الحدث وخلده في سورة سميت باسم سورة القدر ولم تكن هذه السورة ولاذلك الحدث معروفين عند المسلمين..

لقد انطوت ليلة القدر علي حدث عظيم لم تشهد الارض مثله في عظمته أو في دلالته أو في آثاره في حياة البشرية..

ومن هنا فان قيام هذه الليلة واحياءهاخلال العشر الأواخر من رمضان يكون هو الدليل العملي علي مكانة القران في قلوب المسلمين

وأعني ان القران الكريم تضمن كل مايسعد البشر :

فقد اشتمل علي عقيدة واضحة تفصل ما بين الله والكون والبشر..

واشتمل علي نظام وشريعة تكفل حقوق الإنسان اينما كان ..

واشتمل علي أداب رفيعة تشيع حالة السلام والأمان.

ولاشك أن أية تعاليم تحقق سعادة البشر ومصالحهم تكون مستحقة للحفاوة والعناية..

والاحتفاء بالقران لا يكون بقراءته وحفظه فقط وانما في تدبره واحياء ادابه ، وتجسيد مقاصده وغاياته.

ما يزال السؤال مطروحا :

كيف نجعل من ليلة القدر عيدا للمعاني والقيم والتوجيهات الرفيعة التي جاء بها القران الكريم،

بحيث تتحول ليلة القدر الي فرصة حقيقية لإحياء كثير من المعاني والقيم التي كادت أن تختفي من حياتنا ؟؟
كيف نجددايماننا بالقران الكريم كمصدرا للهداية ومنارة للفكر ومصباحا يضيئ للعقل الإنساني طريقه كي يعود الي مكانته الصحيحة في خدمة قضايا الدين والحياة ؟!

من صابر علام

كاتب مصري