تقرير: إسلام عاطف

تعمل الدول الكبرى على احداث توازن من خلال تحالفات مع الدول الأخرى، وخلق تعاون على المستوى السياسي والتجارى من أجل مصالحها الفردية.

وهذه التحالفات تحدث حالة من استقواء الدولة الصغري بالدول الكبري فى حالة حدوث اى تهديد لها أو احتياجها لدعم مالى أو سياسي.

و خلال اليومين الماضين زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إسلام اباد لإجراء محادثات بشأن عملية السلام المضطربة في أفغانستان.

وتعد هذه أول مرة يزور فيها وزير خارجية روسي باكستان منذ تسع سنوات، وتأتي مع اقتراب الموعد النهائي لسحب قوات الولايات المتحدة من أفغانستان.

وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي بعد اجتماعه مع نظيره الروسي،  إن إسلام آباد وموسكو “لديهما مواقف متقاربة بشأن عدة قضايا منها السلام والاستقرار في أفغانستان”.

وبحث الوزيران كذلك العلاقات الاقتصادية والتعاون في مجالات الطاقة ومكافحة الإرهاب والتقدم في مشروع خط أنابيب غاز.

والآن تشعر روسيا بالقلق من امتداد الاضطرابات في أفغانستان إلى آسيا الوسطى في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لأن تنأى بنفسها عن حرب دائرة في أفغانستان مع حركة طالبان.

العلاقات الباكستانية الروسية

لم تكن العلاقات الروسية الباكستاية جيدة بل كان هناك تواتر بينهم على المستوى السياسي فى كثير من الأحداث من القرن الماضي، منذ أن كان هناك تحالف الاتحاد السوفيتي بالهند وتهديد المصالح الباكستانية.

وكذلك اعتراض الاتحاد السوفيتى على ضم باكستان إلى مجموعة الدول النووية، واشتدد التوتر أكثر بعد التحالف الثنائي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان فى شتى المجالات المختلفة

وبعد أن تم التحالف السياسي بين الاتحاد السوفيتي وباكستان فى مايو 1948، كان هناك توتر، وكان الجانب الباكستانى قلق بشأن علاقة الاتحاد السوفيتي والهند.

وتدهورت العلاقات أكثر وأكثر بعد أن دعمت باكستان حركة المجاهدين الأفغان الذين قاتلوا ضد حكومة جمهورية أفغانستان الديمقراطية والقوات السوفيتية، بعدها تحولت إسلام آباد إلى خصم.

عودة العلاقات الروسية الباكستانية من جديد

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تتحسنت العلاقات الورسية الباكستانية بشكل تدرجي.

تغير الوضع السياسي بين الدولتين حيث كانت لديهم مشاكل مشتركة فى مواجهة العمليات الإرهابية.

ولأول مرة في عام 2007، قام رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف بزيارة رسمية إلى باكستان ، حيث التقى الرئيس برويز مشرف.

واتجهت أنظار العالم إلى هذا اللقاء والذي كان يهدف إلى إقامة علاقات ثنائية وتعاون فى المجال الاقتصادي وتوسيع التجارة بينهم.

وتلعب العلاقات الصينية الباكستانية دورا بارزا فى التحالف الروسي مع إسلام آباد، حيث كانت كل من الصين وباكستان خصمين للهند والاتحاد السوفيتي، وتم التعاون مع الولايات المتحدة.

وفى الوقت الحالى أصبحت بكين هى المنافس الاول فى المجال الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة ، وتعمل على حافظ العلاقات الباكستانية وتحسن العلاقات مع روسيا ، لتصبح شريكًا مهمًا لها.

في المقابل تحسنت العلاقات بين الهند والولايات المتحدة لإحداث توازن فى المنطقة.

وتدعم روسيا مشروع إنشاء الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.

وتسعى الهند إلى تدهور العلاقات الروسية الباكستانية حت تظل هى الشريك الوحيد لها فى المنطقة على المستى الاقتصادى السياسي

وتعمل نيودلهى على الموازنة بين موسكو وواشنطن ، حتى تعرقل المصالح الصينية الباكستانية.

تحتل إسلام آباد مكانة خاصة في حسابات روسيا لقوة علاقتها مع بكين، فقد عقدت كلٌّ من باكستان وروسيا والصين ثلاثة حوارات حول أفغانستان.

عُقِدت الجولة الأولى في بكين، والثانية في “إسلام آباد”، والأخيرة في موسكو.

وقد عقد هذا الحوار الثلاثي على ​​خلفية انسحاب الناتو من أفغانستان وتداعياته على المنطقة.

وفي هذا السياق، كان مؤتمر موسكو للسلام، الذي عُقد هذا العام، استمرارًا للتعاون الثلاثي، وبخاصة في ظل انسحاب القوات الأميركية من كابول.

ومع ذلك، لا يقتصر التقارب بين موسكو وإسلام آباد على مجال الأمن والسياسة، بل إنه يتوسع في المجال الاقتصادي كذلك. ففي أكتوبر 2015، تمَّ توقيع مذكرة تفاهم لبناء خط أنابيب غاز بطول 1.100 كيلومتر لربط محطات الغاز الطبيعي المسال (LNG) في مقاطعات السند والبنجاب الباكستانية.

وقد كان من المتوقع أن يتم تنفيذ هذا المشروع بواسطة شركة روسية للموارد العالمية في عام 2018وتسليمه إلى باكستان لمدة 25 عامًا، من خلال نموذج “نقل البناء الذاتي”. ووقَّع “كونسورتيوم” النفط والغاز الروسي.

 عملية السلام الافغانية

فقد جاء بالبيان أن باكستان وروسيا لديهما مصالح مشتركة في تهيئة الظروف لعملية السلام “الأفغانية التي تقودها أفغانستان”، ولكن في الوقت الذي يشار فيه إلى دور الهند في أفغانستان، فإن انضمام الهند وباكستان إلى منظمة شنغهاي للتعاون، أعطى تلك المنظمة دفعة جديدة بالنسبة لمجموعة الاتصال بين منظمة شنغهاي وأفغانستان.

من د. فؤاد البنّا

رئيس منتدى الفكر الإسلامي، أستاذ العلوم السياسية جامعة تعز، اليمن