تتوالى الاستقالات داخل حزب العدالة والتنمية المغربي، لليوم الثاني على التوالي، بسبب ما أسموه بعض القيادات بـ”تضارب مواقف الحزب مع مبادئه المعلنة والمعروفة وأوراقه المرجعية وأنظمية الأساسية وبرامجه الانتخابية”.

ويعيش حزب العدالة والتنمية على إيقاع أزمة داخلية بعد استقالة اثنين من قيادييه، وتجميد آخر لعضويته في الحزب، وذلك على خلفية توقيع رئيس الحكومة، والأمين العام للحزب سعد الدين العثماني، على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل في 22 من ديسمبر المنصرم.

وبعد يوم من استقالة مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، وانسحابه من الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، أعلن إدريس الأزمي الإدريسي، القيادي السياسي المغربي، استقالته من حزب العدالة والتنمية بسبب عدم رضاه عما يجري بداخل الحزب.

وقال الإدريسي في رسالة التخلي عن منصبه كرئيس للمجلس الوطني للحزب وكعضو في أمانته، “بكل أسى وأسف وحسرة، وبعد صبر كبير وتحمل ومكابدة وتردد وربما تأخر (…) قررت أن أقدم هذه الاستقالة، لأنني وللأسف لم أعد أتحمل ولا أستوعب ولا أستطيع أن أفسر أو أستسيغ ما يجري داخل الحزب ولا أقدر أن أغيره، وعليه لا يمكنني أن أسايره من هذا الموقع أو أكون شاهدا عليه”.

ويعبر القيادي في العدالة والتنمية بهذه الاستقالة عن رفضه لتضارب “مواقف الحزب مع مبادئه المعلنة والمعروفة وأوراقه المرجعية وأنظمته الأساسية وبرامجه الانتخابية” على حد قوله.

وتابع :”لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور بهذه الطريقة وكأن شيئا لم يكن وكأن الأمور على ما يرام، لاسيما ونحن نتابع حجم الحيرة والتساؤلات التي تثار بالنظر لما مثله ويمثله الحزب من أمل كبير وما راكمه من نضالات كبيرة ومواقف مشرفة وتضحيات جسيمة لمناضليه ومناضلاته”.

ويرى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو االمرجعية الدينية، يتعرض لعاصفة بداخله منذ توقيع مسئوله الأول ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، على قرار إقامة علاقات علنية ورسمية مع الدولة العبرية قبل أشهر في مسعى متعارض مع منطلقاته وتوجهاته المبدئية.

وبحسب الدستور المغربي، يحق لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية.

وانضم المغرب إلى قطار “التطبيع” ليصبح البلد الرابع في العالم العربي الذي يعلن توقيعه اتفاقية مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان.

وأثار الإعلان ردود فعل متباينة بين المعلقين المغاربة، إذ دعا نشطاء إلى تدشين حملات شعبية تندد بالاتفاق المبرم وتؤكد على محورية القضية الفلسطينية.

وسرعان ما انتشرت وسوم تستنكر موافقة الملك على الاتفاق دون أن “يهتم لرد فعل الشارع المغربي الذي يعتبر المسألة الفلسطينية قضية وطنية لا تقل قدسية ولا أهمية عن قضية الصحراء الكبرى”.

ورغم تباعد المسافات، فإن للمغرب حضورا قويا في مدينة القدس من خلال مؤسسة “بيت مال القدس” التي تأسست بمبادرة من الملك المغربي الحسن الثاني للدفاع عن الهوية العربية داخل المدينة.