صفحة مشرقة من تاريخ الحركة الإسلامية تطوى اليوم برحيل جبل الصبر، القائد الفذ الشيخ كرم زهدي، بعد 69 عاما من الكفاح والجهاد والصبر والمعاناة، بعد أن كان سببا من أسباب تغير تاريخ الحركة الإسلامية في العصر الحديث مع رفقاء دربه العظام، الذين أسسوا جماعة إسلامية تجمع بين الفهم الصحيح للإسلام دون مغالاة أو ترخص وإرجاء، فعصمها الله بفضله أولا ثم بجهود شيخنا ورفاقه من الوقوع في غلو الخوارج والتكفير، فكانوا سببا في إظهار قضية العذر بالجهل، وضبط مفاهيم الشباب في وقت عصيب على الأمة،

 

وفي نفس الوقت أحيوا الفرائض الغائبة كفريضة الحسبة والجهاد والدعوة، وتأصيل المنهج الحركي، وتقديم نموذج منضبط للنهج السديد لمن أراد أن يتصدى للدعوة إلى الله عز وجل،

 

ومن أجل ذلك ضحوا بالغالي والنفيس وقضوا زهرة شبابهم في السجون فما تغيرت عقائدهم، ولا زادتهم المحن إلا فهما وثباتا، وخرجوا دون أن تؤثر فيهم زهرة الدنيا فلم يجنحوا لمغنم، ولم يركنوا لمنصب، وما استطاع أحد أن يستميلهم بلعاعة الدنيا،فلهم الله من كوكبة منيرة أضاءت لنا ظلمات الجهل ، وفتحت لنا آفاق الطريق.

 

فرحمة الله عليه وعلى كل من سبق وقدم وضحى.

من د. إبراهيم عوض

أديب عربي ومفكِّر إسلامي مصري