متابعتي لتصريحات قادة «محور المقاومة» (إيران وسوريا وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والجبهات الشعبية الفلسطينية والحشد الشعبي العراقي وأنصار الله اليمني)  بخصوص الردود على الاعتداءات الإسرائيلية من ناحية، وكيفية تعاطي مراكز الأبحاث والإعلام والمسئولين الإسرائيليين والأمريكيين على تهديدات الرد من ناحية ثانية، تجعلني أسجل الملاحظات التالية:

 

1- إن تكرار التهديدات لإسرائيل بالرد «المزلزل أو المدمر أو الصاعق، الخ.. من المفردات الملتهبة» ثم عدم تنفيذ هذه الردود ولو بالحد الأدنى سيفقد هذا المحور مصداقيته، ومع استمرار هذه التهديدات دون تنفيذ سيجعل جمهور المحور يصاب بالإحباط ويبدأ بهدوء ينفض من حول المحور، أن كسب التأييد الشعبي هو نتيجة للفعل المدروس والمؤثر وغير الانفعالي وليس بالوعود الخطابية.

 

2- إن التهديد غير القابل للتصديق من الطرف الآخر (إسرائيل أو الولايات المتحدة)، يكشف عن خلل استراتيجي في إستراتيجية إعلام محور المقاومة، ومن متابعتي لردود الفعل الإسرائيلية أجد أن نسبة التصديق الإسرائيلي لا تتجاوز 20% باستثناء تهديدات حزب الله التي ترتفع نسبة التصديق لها لدى الباحثين الإسرائيليين والجمهور الإسرائيلي  إلى حوالي 60- 70%.

 

3- من الملاحظ أن كل أطراف المقاومة يكررون عبارة بأننا لن نكون «البادئين» بالأعمال العسكرية، وهذا يضع التساؤل التالي: لو التزمت «إسرائيل» بعدم القيام  «بعمليات عسكرية» ولكنها استمرت في الاستيطان والاعتقالات والحصار لغزة والاختراق للصفوف العربية بالتطبيع والتأليب الدولي على الفلسطينيين وعلى محور المقاومة، فهل يعني أن هذه اقل خطورة من العمل العسكري الإسرائيلي المباشر؟ وأنا أدرك الظروف الداخلية والإقليمية والدولية المحيطة بمحور المقاومة، ولا أطلبهم بالرد النزق وغير المدروس مهما كانت السخرية منهم، ولكني أؤكد على رفض  «الجعجعة  دون الطحن»، لان الآثار البعيدة لهذا النمط الإعلامي سيكون مدمرا من الناحية الإستراتيجية.

 

4- لقد بدأت منظمة التحرير تفقد مصداقيتها بسبب فقدان أي ترابط بين القول والفعل، فرئيس سلطة التنسيق الأمني تجاوز المرة الستين بوعود إلغاء التنسيق الأمني والذهاب للمحاكم الدولية، بينما التنسيق مع الموساد والاستعداد لإحلال السلطة الفلسطينية بسلطات مدنية محلية على غرار روابط القرى قائم على قدم وساق، وعليه أصبح المجتمع الفلسطيني وجمهور المقاومة مصاب بعقدة التصديق، فلا تعززوا هذا النمط من التفكير بتكرار ما قاله الشاعر العربي القديم «ملأنا البر حتى ضاق عنا، وماء البحر نملأه سفينا» بينما هو لا يملك في البحر حتى لوح خشب واحد.

 

5- أحد علماء النفس الإسرائيلي يرى أن صخب إعلام محور المقاومة هو دليل على عمق الإحباط وردود فعل تعويضية عن الإحساس بالخوار.. وأنا لا أوافقه كليا في تفسيره، لكن أرى أن بعض أجنحة محور المقاومة تعبر عن ما قاله هذا الإسرائيلي.

 

6- إن لا تجعلوا الضغوط الإعلامية تجبركم على الرد المتعجل، انتم من يحدد موعد الرد وكيفيته ومكانه وطبيعته، فهذا قراركم وحدكم.

 

لذا أرى:

 

1- استعدوا وخططوا وتدربوا دون حديث إلا لتحديد المواقف «رفضا أو قبولا» لسياسة معينة دون ضجيج.

 

2- تفاخروا بالرد بعد وقوعه، على أن يكون التفاخر بعيدا عن محاولة الإشارة للجهة التي قامت بالرد رغبة في كسب الجماهير..كما كان يحدث بين تنظيمات المقاومة في الستينات والسبعينات.

 

3- إجراء المناورات المشتركة في قطاع غزة أمر جيد جدا، لكن تعميق الوحدة بين الجهاد الإسلامي وحماس أمر لا بد من التفكير فيه والابتعاد عن «نرجسية الفروق الصغيرة»، وسيكون هذا انجازا استراتيجيا.

 

كان الله في عونكم.. وانحني أمام حذاء كل مرابط منكم في خندقه أو سجنه أو خليته السرية..

من د. جمال ضو

بروفيسور جزائري، وباحث في الفيزياء النظرية