ربما يخلط الكثير بين الزهد والتدين وهنا لا بد أن نوضح بعض الحقائق والنقاط أولها أنه لا توجد ديانة سماوية تحض على حب الفقر، ولو تأملنا الديانة اليهودية مثلا فكل اليهود ينظرون للغنى أو الثروة على أنه شىء فى غاية الأهمية لبسط النفوذ وقوة التأثير في الأخر، وستجد الوالدين اليهود مثلا يحثون أبنائهم على الإدخار منذ نعومة أظافرهم لدرجة أنهم يصنعون حصالات بأسماء مختلفة فمثلا حصالة يكون اسمها الإدخار وتفتح فقط فى المناسبات وحصالة يسمونها الإستثمار وهذه لا تفتح إلا عندما يستقل الشاب عن والديه ليبدأ حياته العملية غنيا، ولذلك وبسبب تلك الأفكار وتغذيتها صار اليهود هم أغنى أغنياء العالم ويوصفون بالفئة المتدينة الأكثر علما فى العالم ولتتأمل ما ذكره مارك زوكر بيرغ مؤسس الفيسبوك عن طفولته كيهودى وإيمانه بضرورة السعى نحو الثروة لتعلم أن شبابنا يتم تضليلهم لأهداف سياسية فكلما كنت أشد فقرا كلما سهل التحكم بك والسيطرة على روحك وعقلك، ولا شك أن الأنظمة المستبده سخرت مشايخ السلاطين لإقناعك بتمنى الفقر والتقشف لأن هذا يدل على تدينك وهو تضليل واضح كالشمس ويخالف تعاليم ديننا الحنيف، فالإسلام يحث تابعيه على إمتلاك القوة والقوة تكمن حاليا فى الثروات.

 

معنى الزهد في كلمة بسيطة هوعدم امتلاك حبّ الدّنيا للقلب امتلاكًا يشغل الإنسان عن واجباته، حتى لا يكون كما عبّر الحديث الذي رواه البخاري: «تَعِس عبد الدينار والدّرهم والقطيفة والخميصة». والزهد بهذا المعنى لا ينافي أن يكون الإنسان عظيم الثروة وافر المال مع معرفته بحق الله عليه، وحق الفقراء وغيرهم في ماله، كما في الحديث الذي رواه أحمد: «نِعْمَ المالُ الصالح للعَبد الصالِح». لقد كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ من كبار الإغنياء، وأنفق أكثر أمواله في سبيل الدعوة ، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذي «ما نفعني مال أحد ما نفعني مال أبي بكر». وعثمان بن عفان رضي الله عنه جهّز غزوة العسرة «تبوك» من ماله، وسُرَّ النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بما قدّمه وقال: «ما ضَرَّ عثمان ما يفعل بعد هذا اليومِ، غفر الله لك يا عثمان ما أسررْتَ وما أعلنتَ وما هو كائن إلى يوم القيامة». وتبرّع عثمان أيضًا بتجارته للفقراء عام القَحط ولم يستجب لإغراء التجار له بالربح الوفير، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنفق كثيرا وقال له النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ” بارَك الله لك فيما أعطيتَ وفيما أمسكتَ ” إلى غير ذلك من النماذِج الغنيّة التي لم يقل الرسول عنها إنها غير زاهدة في الدنيا، بل أثنى عليها خيرًا. العيب أن يستغل البعض بعض النماذج لتضخية الصحابة بأموالهم لخدمة دينهم لتصديرها للشباب على أن زوال المال والتقشف عمل دينى. فالزهد ليس مقياسُه أو مظهره الفقر، فقد يكون الرجل فقيرًا لكنه حريص شرِهٌ جادٌّ في طلب الدنيا وإن لم ينل منها ما يريد.

 

والنبى الحبيب وإن أحب الفقراء وراعاهم وجبر بخاطرهم، إلا أن هذا لا يعنى بالضرورة أنه كان فقيرًا، أو أنه يريد للأمة أن تكون فقيرة، إذ يعد الفقر هو رأس كل الأزمات التى يواجهها العالم الإسلامى فهو أساس كل المصائب الأخلاقية، وعلينا أن نرجع ارتفاع معدلات الفقر فى الدول الإسلامية إلى ثقافة تمجيد الفقر، المنتشرة فى ثقافتنا الدينية المغلوطة ، التى تقول: الفقراء أقرب للجنة ولرضا الله”، ولكم خدمت تلك العبارات أهل السياسة الفاسدين الذين نهبوا أموال شعوبهم وعاشوا بها ملوكا ويريدون لتلك الشعوب أن تعيش عاجزة ذليلة،  إنها ثقافة ترضى الفقراء وتخدرهم فيزدادون فقرًا، يستخدمها الدعاة، لأنها تدغدغ عواطف البسطاء، وديننا لا يشجع عليها أبدا ، وعليك أن تعلم أن دينك ونبيك الحبيب لا يريدك إللا عزيزا مهابا قويا.

 

وبالعودة للحديث عن اليهود والذين لم تسمح لهم أوروبا بتملك الأراضى والعقارات فى الماضى فما كان منهم إلا أن اتجهوا للتجارة وكان تأسيس أول بنك يهودى فى أوروبا بمثابة نصر عظيم سمح لهم بالتوسع وجمع الأموال، هم يعملون ليل نهار للتحكم بثروات العالم واحتكار العلم وبالنظر لدولة كإسرائيل مثلا عليك أن تتأمل الكم الهائل من العلماء العرب والذين اغتالتهم أيدى الموساد والذين كان أخرهم عالم الذرة الإيرانى محسن فخرى زاده والذى تم اغتياله الأيام الماضية، فقد كانت عمليه اغتياله دقيقة للغاية فبرغم الموكب المرافق له كان إطلاق النار عليه من رشاش مثبت فوق عربة نقل ويتم التحكم به بالأقمار الصناعية وبعد قتل العالم الإيرانى تمت عملية تدمير ذاتى للعربة النقل وهو أسلوب معتاد للموساد، ولتتأمل كم العلماء المصريين والعرب الذين اغتالهم الموساد لمنع تفوق دولهم فى مجال الطاقة الذرية وللتحكم بهم ولنذكر عالم الذرة  المصرى يحيى المشد، عالمة الذرة المصرية سميرة موسى، عالم الذرة المصري السيد بدير، وعالم الذرة المصري سمير نجيب وعالم الفيزياء المصري مصطفى مشرفة، وعالم الجغرافيا المصري جمال حمدان، وسعيد السيد بدير وهو عالم مصري تخصص في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي، وغيرهم الكثير من العلماء المصريين والعرب.

 

أخيرا لا بد أن ننوه أن العالم اليوم لا يعترف سوى بالأقوياء وعلى بلادنا العربية أن تأخذ بأسباب العلم وتوقر العلماء وتوفر لهم الحماية فمن غير المعقول مثلا ألا تطالب بلادنا بحقوق من يتم اغتيالهم ، لقد قام صدام حسين بدفع مرتب شهرى لأسرة العالم المصرى يحيى المشد بعد موته ولم تنقطع عنهم إلا بعد حرب الخليج وقلب نظام الحكم فى العراق وتلاها إعدام صدام حسين في يوم عيدنا، إن لم تأخذ بلادنا بأسباب العلم وتحث الشباب على العمل وإمتلاك الثروات فلن تقوم لنا قائمة فى المستقبل وسيستبيح دمائنا وبلادنا من هم أقوى وإن كنا خدما لهم كما يفعل البعض من العرب الآن، ولتتأمل تلقى موشيه حوغيغ، صاحب نادي «بيتار القدس»، العرض بالاستثمار فى ناديه عن طريق أحد أفراد العائلة المالكة في أبو ظبي وهو حمد بن خليفة أل نهيان، هل تتخيل رجل إعمال عربى يريد الاستثمار فى نادى معروف بكراهيته للعرب ويعلن ذلك فى كل مناسبة متوعدا بحرق قرانا ويسب نبينا كلما سنحت له فرصه، الغريب أن النادي رفض العرض وقام الأفراد التابعين للنادى بعمل رسوم مسيئة لرجل الأعمال العربي في الشوارع الإسرائيلية، أليس الشباب العربي أولى بتلك الأموال والإستثمارات؟ للأسف من يتصدر المشهد العربى هم حثالة الأرض ولا خير فيهم، فالأمل والخير بالشباب العربى المتحرر فكريا والمجتهد والمحب لبلاده وتراثه.