وباء كورونا قد يعيد النساء 25 عاما إلى الوراء – الصورة نقلا عن الـ بي بي سي

جاء في موقع البي بي سي بتاريخ 27 نوفمبر 2020 م  تحت عنوان «وباء كورونا قد يعيد النساء 25 عاما إلى الوراء» ما يلي:

 

من المحتمل أن يتسبب وباء كورونا بنسف جهود بذلت طيلة 25 عاما بهدف المساواة بين الذكر والأنثى، فالنساء أصبحن يقمن بقدر أكبر من الأعمال المنزلية والعناية بالعائلة أثناء الحجر الصحي، وفقا لتقرير دولي صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

 

وتقول «آنيتا بهاتيا»، نائبة المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة: «قد نخسر في عام واحد كل الجهود التي بذلناها طيلة 25 عاما».

 

كما أن النساء قد يخسرن فرص التوظيف والتعليم وقد يعانين من تراجع في صحتهن الجسدية والعقلية.

 

وتقول آنيتا إن عبء العناية بالآخرين قد يشكل «خطرا حقيقيا يتمثل في العودة إلى الصور النمطية التي كانت سائدة في الخمسينات من القرن الماضي».

 

وحتى قبل بدء الوباء، قدّر أن النساء كن يقمن بقرابة ثلاثة أرباع ساعات العمل غير المدفوع كل يوم في أنحاء العالم، وتقدّر هذه الساعات بنحو 16 مليار ساعة.

 

ونقول:

 

تنحرف المعايير التي تتداولها الأمم المتحدة ومنظماتها المتفرعة عن المعايير الحقيقية للفطرة؛

فبينما تضطر النساء للمكوث في البيوت جراء «كورونا» ليمارسن دون قصد الدور الطبيعي،

الذي توافقت الفطر الإنسانية السوية على أدائه في كل الأزمنة وكل الثقافات والأديان..

وهو العناية بأسرتها والقيام بدورها البديهي الدافئ في جمع شمل الأسرة والشعور بزوجيتها وأمومتها وبجمال العلاقة بين أفراد تلك الأسرة.

 

إذا بأصوات نشاذ تعتبر هذا تراجعا عن مكاسب نجحوا سابقا في تثبيتها ضد الأسرة ونظامها…

ولم نكن نتخيل أن يبلغ بهم الغلو هذا الحد الذي يتجاهل الظروف ويأسى على ما كنا نظنه جرى اتفاقا في أحوال المرأة المعاصرة.

 

فبالإضافة للتدخل السافر في اختيارات الأسرة في المجتمع الإنساني؛

فإن هذا أيضا يعد تزيينا لنظم الغرب الذي تبنى حاليا تلك الأفكار سواء الخروج لسوق العمل..

أو تشتت الأسر بإشغال النساء عنها باعتبارها مساواة بين الرجل والمرأة

 

وهو أيضا ازدراء متضمن للأديان والثقافات التي تبنت العناية بالأسرة وضبط أدوار أفرادها كالرجل والمرأة والأبناء،

وباعتراف المديرة التنفيذية نفسها بأن ذلك كان سائدا في خمسينات القرن الماضي لكنها لم تذكر كذلك أن هذا لم يكن «موضة» بالخمسينات بل كان أصلا ممتدا لقرون سابقة؛

وعاشت في ظله أجيال ما انفكت تتعامل بشكل طبيعي وسوي في بلدان العالم كلها.

 

ثم لم يلبث النظام العالمي الحالي يروج لمفاهيم أدت إلى تفسخ الأسر..

ولا تزال تسعى لهدم ما تبقى من قيمها في انقلاب إنساني متعمد تحركه أياد لا تتورع عن أي شيء لتحقيق هذا الانقلاب..

وصار الأمر يروج وكأنه انتصار حضاري يسعون لتعميمه وهذا ما يحدث فعلا وانظر إلى أكاذيب ماكرون عن أزمة الأمة المسلمة تدلك على هذا..

 

وما فتئ هذا النظام العالمي بأذرعه المختلفة ومنها الأمم المتحدة وبعض منظمات الحقوقية والمؤسسات المالية والثقافية وغيرها -منذ انتهاء الحرب الأولى وسقوط الخلافة الإسلامية كقوة منافسة بما تحمله من مفاهيم مستقلة- يروج لمفاهيم شاملة سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية.

 

كلها مستقاة من المنهجية الأرضية المادية بعيدا عن القيم الأخلاقية والتكافل والتعايش..

وهو ما جر ويلات كبرى على البشرية سواء في الحروب من أجل الموارد والأموال أو باحتلال الشعوب..

وطمس هوياتها واستغلال حوائجها دون أخلاق.

 

وقد تفسر أحداث ( كورونا ) وتوابعها كمحاولة للسيطرة والتأثير والاستغلال وهو يقينا متحقق بعد الكارثة ؛ وهناك شكوك في التسبب فيه قبلها مع تقديرنا لواقعية المخاطر والتوابع.

 

ومع تسليمنا بجواز العمل للمرأة من حيث المبدأ وخاصة حين الاحتياج لهذا شخصيا أو أسريا؛

فإننا نذكر أيضا مادام أمر المساواة هو محور هذه القضية بأنه لم تعاني المرأة المسلمة مما تعانيه الغربية في التفريق في الحقوق والرواتب فأي الحضارتين في أزمة إذن؟!

 

بل قد أكد الإسلام على احترام شخصيتها المعنوية، وسواها بالرجل في أهلية الوجوب والأداء،

وأثبت لها حقها في التصرف ومباشرة جميع العقود كحق البيع وحق الشراء ن وحق الدائن والمدين والرهان، والوكالة، والإجارة،

والإشراف على مالها الخاص والمتاجرة فيه واستعمال من شاءت عليه،

كما لها التصرف في أن تهب من مالها لمن شاءت أو تتصدق على من شاءت وقد سوى بينها وبين الرجل في أمور كثيرة حيث جعلهما في الإنسانية سواء بعدما كانت تعد متاعا وكانت تعد بمنزلة متدنية في الديانات والثقافات الأخرى.

 

فقال تعالى:

{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عن اله أتقاكم} الحجرات (13)

 

فإن تساويا في الإنسانية، تساويا كذلك في توابع ذلك، من حرمة الدم والمال والتكافؤ والحقوق،

فكل ما يكون من ذلك للرجل فهو للمرأة سواء بسواء وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،:

(المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجبر عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم)

ويجبر عليهم أقصاهم: يعني أن أبعد المسلمين داراً يجير عليهم، ويمنعهم ممن يريدونه إذا كان قد أعطاه بذلك عهداً،

وقد طبق المسلمون ذلك جلياً وكثيراً، وتعددت الحوادث التي أجارت فيها المرأة الأسرى أو المحاربين وهو عمل ليس بالهين.

 

أما عمل المرأة بالأسرة فهو رعاية فطرية من خلال الحب والتفاهم وتقاسم الأدوار بينها وبين الرجل في داخل المنزل وخارجه وليس قهرا أو ظلما كما يروج.

 

فهذا التصريح من تلك المسئولة بالأمم المتحدة يأتي ليكشف عن تعمد تلك المؤسسات التي يفترض بكونها أممية أن تراعي تعدد الثقافات لكنها في حقيقتها تجتهد لـ«فرض الرؤية الغربية» في مفاهيم حقوق الإنسان والأسرة وغير ذلك.

 

لذا لا تستغرب أن تلك المفاهيم عن الأسرة وحاليا عن إباحة الشذوذ..

وتعدد أشكال الأسرة ومفاهيم «الجندر» يروج لها في مؤتمرات الأمم المتحدة عن السكان والأسرة وغيرها التي أقامتها من قبل عام 2005 م  ولا تزال تروجها.

 

وبكل الأحوال فإننا على يقين بأفول تلك الحضارة المادية المغلوطة وسيحل محلها نظم وترثها حضارة أكثر شفقة وحنوا وعدلا وهو ما نراه دوما يتحقق في الحضارة الإسلامية العظيمة.

من علجية عيش

صحفية جزائرية