أصل الداء… يقول المفكر النمساوي الشهير ليوبولد فايس «دخل في الإسلام وسمَّى نفسه محمد أسد!!!»: «لقد كانت الحروب الصليبية فى مرحلة بالغة الدقة والحساسية من حياة أوربا.. حيث بدأت في مرحلة نمو الوعي الثقافي والحضاري الأوربي.. والأمم كالأفراد إذا أخذنا بعين الاعتبار أن العوامل القوية والمؤثرات الهامة تظل محفورة في وعي الطفل حتى بعد بلوغه مرحلة تتسم بالنضج والتعقل!!!».

 

ماذا يعني هذا الكلام؟! يعنى يا سيدي أنك قد تحاول تخويف الطفل الصغير بالحقن والإبر.. فتقول له: لو عملت كذا هأدِّيك حقنة أو إبره.. ولو قلت كذا هأديك حقنه أو إبره.. وهذا الطفل يعلم ما تسببه الإبرة من ألم حيث إنه قد جرَّبها في التطعيم وحين كان (سُخْن).. وبالتالي تنشأ مع الطفل عقدة بغض الإبر حتى بعد أن يكبر.. وتظل صورتها البغيضة وكُرْهُه لها محفوراً في وعيه حتى بعد سن البلوغ.. وهذا ما حدث مع أوربا.. بمعنى أن الحروب الصليبية قد بدأت وأوربا في مرحلة (كي جي ون) إنسانية وحضارة.. وكانت بدايات عصر النهضة الأوربية علمياً وحضارياً في تلك المرحلة.. بدؤا (يكبروا) والبابوات والكنيسة تُلقى في أنفسهم وروعهم بُغض الإسلام والتخويف من هذا المارد الجبار.

 

كان المسلمون هم البُعبع.. وهم الإبرة التي يُخوِّفون بها الأوربي! فظل بغضهم للمسلمين متوارثا فيهم جيل بعد جيل برغم ابتعادهم عن مسيحيتهم حتى وهي (مُحَرَّفة)! وظلَّت نظرتهم للمسلمين علي النحو النمطي المُتوارَث منذ قرون.. نظرة الطفل للحقنة والإبرة!

 

وعلى كل حال.. فإن أحد أكبر مؤرخيهم المعاصرين (أرنولد توينبي) قد قال يحذِّر قادة الغرب من أى تحرِّك ولو بسيط ينبئ عن عودة روح الإسلام : (إن الإسلام مارد نائم.. وإن النائم يمكن أن يستيقظ.. ولقد كانت هناك مناسبتان عبر التاريخ كان لصدى الروح الإسلامية أثره العظيم فى دحر التتار وهزيمة الصليبيين!!!)

 

الرجل هنا يريد أن يقول لصانع القرار الغربي: لا يغُرَّنَّك أن المسلمين في حالة مزرية من الذل والهوان.. فالمشكلة ليست في المسلمين الذين استطعنا عن طريق منافقيهم وعملائنا الخونة أن نحوَّلهم إلى نفايات بشرية.. وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في طبيعة الإسلام ذاته واستعصائه علي الاحتواء والتطويع!!! إنهم يعرفون جيدا (بل أكثر من كثيرٍ منا للأسف) حقيقة الإسلام..

 

إنهم يجيدون قراءة التاريخ واستخلاص عبره!! ويعرفون جيداً مدى حيوية هذا الدين وقدرته العجيبة على بعث هذه الأمة خلال فترة وجيزة.. ولعل فيما حدث مع المسيو لاكوست (وزير المستعمرات الفرنسية) ما يوضِّح لنا الصورة كاملة.. أقام الرجل احتفالا بمرور مائة عام على احتلال فرنسا للجزائر.. ودعا الكتاب والصحفيين ورجال الفكر والأدب إلى ذلك الاحتفال.. ثم أمر بإزاحة الستار عن مائة فتاة جزائرية تم تلقينهن مبادئ الحرية الغربية المنفلتة.. وتم (إلباسهن) أحدث خطوط الموضة والأزياء الباريسية!!! وبالفعل تم إزاحة الستار ليفاجأ الجميع بمائة فتاة بالحجاب الإسلامي والزي الشرعي! طبعاً أُسقط في أيدي الجميع.. وقالوا يخاطبون المسيو (لاكوست) في حنق : ماذا كانت تفعل فرنسا طيلة مائة عام ؟! فقال الرجل وهو يتميظ غيظاً: وماذا عساي أن أصنع.. القرآن أقوى منى ومن فرنسا.

 

أحبتى الكرام.. سوف نظل مائة عام نتحدث عن (مظاهر) الضعف والهوان الذي نحياه اليوم.. ولن تكون كافية لعرض الصورة كاملة! والصواب أن نبحث عن (أصل) المرض دون الوقوف كثيرا عند (العَرَض).. لأننا سنقف (محلَّك.. سِرْ).

 

وأصل المرض معلوم.. ودواؤه كذلك معلوم!!!.

من محمد منهاج الإسلام

كاتب من باكستان