الأمة| تصدرت أجندة رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، خلال زيارته طهران، اليوم الثلاثاء، ثلاث ملفات لم يسبق وأن ناقشها من تولى منصبه من قبل، تهدف للتأكيد على دعم استقلال القرار السيادي العراقي والانفتاح على جميع دول المنطقة.

وتستمر زيارة الكاظمي والوفد المرافق له في إيران ليومين، وتأتي عقب تأجل زيارته إلى السعودية حيث كان من المفترض أن تكون محطته الأولى، كما خطط رئيس الوزراء العراقي لزيارة الولايات المتحدة.

استقلال القرار السياسي

الكاظمي دعا المسئولين الإيرانيين، الذين لطالما رسموا خط سير العملية السياسية في العراق، بترك هذا الدور، قائلا: “أنا  أوكد أمام إخواني في الجمهورية الإسلامية الايرانية أن الشعب العراقي يتطلع ويتلهف لعلاقات ممتازة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أساس مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين”.

وطمأن الكاظمي إيران التي تعاني من عقوبات اقتصادية خانقة، فيما يخص استمرار التعاون التجاري بين البلدين لتصريف سلعها، وقال: “حاربنا الإرهاب والجماعات التكفيرية، وكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب العراق على هذا الطريق واننا لن ننسى ذلك ولهذا السبب انحاز العراق إلى جانب إيران لمساعدة إيران في التغلب على تحدياتها الاقتصادية ، وبهذه الطريقة أصبح العراق سوقًا رئيسيًا للتجارة الإيرانية”.

الكاظمي ركز على سياسيته القائمة على تنويع التحالفات وعدم حصر العراق في محور إيران فقط، وقال “علاقاتنا مع إيران والدول المختلفة تقوم على حسن النوايا واننا نحاول من خلال التعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التوصل الى سبيل لتخليص المنطقة من التحديات والتوترات التي تعاني منها ونعتقد أنه من خلال التعاون والعمل مع مختلف بلدان المنطقة ، يمكننا إيجاد حلول شاملة لإنهاء تحديات المنطقة”.

وأشار الكاظمي إلى أن مواجهة المشكلات الاقتصادية في كلا البلدين يحتاج إلى “اطلاق تعاون شامل وكامل بين إيران والعراق”.

توازن وعدم انحياز

وفي ظل المخاوف الإيرانية من توسع العلاقات بين واشنطن وبغداد في ظل إطلاق حوار استراتيجي بين البلدين، أكد الكاظمي على أن “علاقات العراق الخارجية تقوم على التوازن وتجنب أي انحياز”، وفي هذا الإطار قال: “لا يسمح العراق بان تكون اراضيه منطلقا لتهديد ايران و خاصة أن العلاقات بين البلدين تعود إلى مئات السنين ، ولكن يجب علينا دعم هذه العلاقات العريقة “.

وقال “اننا في العراق، سنجعل الدفاع عن إيران ودعمها على رأس أولوياتنا ، ولن نسمح بأي تهديد لايران انطلاقا من العراق أو الأراضي العراقية”.

وشدد رئيس الوزراء العراقي على أنه “يجب أن يكون العراق قوياً ومستقراً حتى يكون مؤيداً للجيران والبلدان في المنطقة من أجل السلام والاستقرار فيها”.

وقال الكاظمي أن تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين سيتم قريبا وعلى رأس ذلك ربط خط السكك الحديد بين البلدين عبر مدينتي خرمشهر والبصرة. 

زيادة التبادل التجاري

من جانبه قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إنه ناقش مع رئيس الوزراء العراقي توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، وزيادة العلاقات التجارية بين البلدين إلى 20 مليار دولار.

واشار إلى أن الدولتين مصممتان على تنفيذ جميع بنود الاتفاقات التي تمت الموافقة عليها في مارس 2018 في بغداد بين الحكومتين والعمل على ترجمتها على الارض. وفق وكالة أنباء فارس.

إخراج الأمريكان

وفي ترجمة سريعة لإصرار الكاظمي على علاقات مفتوحة مع الولايات المتحدة، قال مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي خلال لقاء رئيس الوزراء العراقي إن: “إيران لا تتدخل في علاقات العراق مع الولايات المتحدة، لكنها تتوقع أن يعرف الأصدقاء العراقيون الولايات المتحدة وأن يعلموا أن الوجود الأمريكي في أي بلد هو مصدر فساد وتدمير ودمار”.

لكن خامنئي حث الكاظمي على تطبيق قرار البرلمان العراقي إخراج  القوات الأمريكية “لأن وجودهم يسبب انعدام الأمن” ودلل على ذلك باغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي، وقال: “لقد قتلوا ضيفك في منزلك واعترفوا صراحةً بالجريمة وهذه ليست قضية هينة”.

أضاف خامنئي “وجهة النظر الأمريكية تجاه العراق هي عكس وجهة نظرنا تمامًا لأن الولايات المتحدة هي العدو بمعنى الكلمة ولا تريد عراقا مستقلا وقويا يتمتع بحكومة أغلبية.

اغتيال سليماني

وخلال الزيارة التقى الكاظمي بالأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، وتباحث معه حول ما وصفه شمخاني بـ “أعمال الولايات المتحدة الخبيثة والإرهابية والمزعزعة للأمن” وقال الجنرال الإيراني إن “تضافر جهود دول المنطقة للتخلص من أمريكا الشريرة في أقرب وقت ممكن هي ضرورة حتمية لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة”.

وأشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني إلى أهمية “الملاحقة السياسية والقانونية لقضية اغتيال الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس حتى محاكمة ومعاقبة مرتكبيه الرئيسيين والثانويين” من أجل أن “تكون رادعا لمنع تكرار مثل هذه الأعمال الشريرة” باعتباره “مطلب الشعبين الايراني والعراقي”.

 

من د. كمال إبراهيم علاونة

أستاذ العلوم السياسية والإعلام - فلسطين