حي القابونالأمة|  تتواصل عمليات الهدم الواسعة في حي القابون شرق العاصمة دمشق، وطالبت حكومة النظام السوري  عددًا من السكان المحليين مغادرة منازلهم قسرًا لهدم ما تبقى من الحي، بزعم تنفيذ مشروعات اقتصادية عامة، وفقا لما كشفت تقارير حقوقية. فيما يوفر القانون رقم 10 للنظام الغطاء القانوني لتنفيذ مخططاته.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش أعلنت منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي رصدها عمليات هدم كبيرة في حي القابون لمنازل سليمة لم تتضرر من القصف السابق بواسطة الجرافات والحفارات بالإضافة إلى المواد شديدة الانفجار.

واليوم قال (اتحاد تنسيقيات السوريين حول العالم) إن قوات النظام السوري أنذرت المتبقين من أهالي حي القابون بضرورة إخلاء منازلهم والخروج منها تمهيداً لهدمها.

وكشفت التنسيقيات في بيان أن “الإنذارات موجهة لساكني المنازل القريبة من بناء أوغاريت وسط حي القابون، لتنتقل بعدها لتطال مناطق أخرى فيه، وأكدت مصادر اتحاد تنسيقيات السوريين حول العالم وجود نية لدى النظام بهدم الحي بشكل كامل، حيث وصلت عمليات الهدم إلى منطقة شارع النهر والتي لم تتضرر كثيراً جراء المعارك، فضلاً عن ورود معلومات تؤكد أن تلك العمليات ستنتقل إلى ساحة القهوة وسوق الخضرة القديم، على عكس ما كان متداولاً بأنها ستنحصر ما بين النهر والأوتوستراد فقط”.

تفجير الأبنية المرتفعة

وذكر البيان أنه “تعمل قوات الحرس الجمهوري على تفجير الأبنية المرتفعة بشكل خاص حيث قامت في الشهر الماضي بتفجير بناء العبود وسط الحي والمؤلف من 14 طابقاً بعد أن قامت بتلغيمه قبل يومين، بالإضافة إلى كتلة الأوقاف المؤلفة من عدة أبنية، وسمع صوت الانفجار في جميع أرجاء العاصمة دمشق الأمر الذي بررته الصفحات الموالية بأنه تفجير للأنفاق التي حفرتها الفصائل أثناء فترة سيطرتها على المنطقة”.

https://www.facebook.com/Tarekghoutaasky/videos/1039000092928000/

وأضاف البيان “ذكرت مصادرنا بأن قوات النظام قامت بهدم أحد منازل الحي في حارة المطحنة على رأس صاحبه السبعيني بعد رفضه مغادرته، لتتسبب له بكسور في ظهره وإصابات في باقي جسده”.

جذب التمويل الدولي

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” شككت في نوايا حكومة النظام السوري من دعوتها للنازحين السوريين بالعودة، مشيرة إلى أنها تمنع في الوقت ذاته بصورة غير مشروعة النازحين من الوصول إلى ممتلكاتهم بالمناطق التي كانت تحت سيطرة جماعات معارضة للحكومة.

وقال تقرير المنظمة الدولية قبل شهرين إن هدف الحكومة السورية وروسيا هو جذب التمويل الدولي وليس عودة النازحين إلى مساكنهم وومتلكاتهم.

وأشار التقرير إلى إن الحكومة تقوم بهدم ممتلكات سكان حي القابون دون سابق إنذار ودون توفير سكن بديل أو تعويض. 

صورة من الأقمار الصناعية لسحابة انفجار ضخمة ناتجة عن تدمير مبنى سكني بمتفجرات شديدة. تتسق السحابة مع تفجير قنبلة تقليدية ضخمة.

الأقمار الصناعية تكشف الدمار

وجاء في التقرير “حلّلت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية لأحياء القابون، والتي تظهر عمليات هدم واسعة النطاق بدأت في أواخر مايو/أيار 2017، بعد انتهاء القتال هناك”. وأكدت الصور أن عمليات الهدم ما زالت مستمرة حتى إعداد التقرير.

الحكومة السورية تحججت بأنها كانت تدمر أنفاقا أنشأتها الجماعات المناهضة للحكومة، بالإضافة إلى بقايا متفجرات من الجماعات المسلحة التي تركتها في القابون. لكن صور الأقمار الصناعية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش خلال هذه الفترة أظهرت أن الحكومة هدمت المنازل بآليات ثقيلة تتحرك على الأرض، مثل الجرافات والحفارات، بالإضافة إلى التفجير غير المنضبط لمتفجرات شديدة الانفجار، وهو أمر لا يتسق مع إغلاق الأنفاق تحت الأرض.

أجزاء كاملة من حي القابون تم تسويتها بالأرض

القانون رقم 10

واستفادت حكومة النظام من القانون رقم 10 لعام 2018 الذي تم المصادقة عليه في أبريل/ نيسان الماضي، والذي يسهل للحكومة وضع يدها على الملكيات الخاصة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض المناسب في مناطق إعادة الإعمار.

وحدد مجلس الوزراء السوري والسلطات المحلية أجزاء من داريا لإعادة الإعمار في أبريل/نيسان 2018 والقابون في يوليو/تموز، وهما البلدتين اللتان ارتبطتا بالثورة السورية، وقد استعادت الحكومة السيطرة على كليهما من الجماعات المناهضة للحكومة. 

والقرار في ظاهره يمهد لإعادة إعمار المناطق التي دمرت بفعل الحرب والتي كانت تخضع لسيطرة المعارضة، مع احتفاظ من يثبت ملكيته لعقار ما بالمساحة التي كان عليها سابقًا. لكن بحسب القانون رقم 10 يتوجب على ملاك العقارت في المناطق التنظيمية أو وكلاء لهم التقدم خلال عام مدة 30 يومًا من صدور القانون -إبريل/ نيسان 2018- بوثائق تثبت امتلاكهم للعقارات إلى السلطات المحلية، أو رفع رفع دعوى في غضون 30 يوما بالاستناد إلى أدلة أخرى. وتم تعديل المهلة فيما بعد إلى سنة.

وإذا لم يقدم المالك المطالبة أو الادعاء خلال سنة، تعود الملكية إلى الحكومة، ولا يتم تعويض المالك،  كما لم يوفر القانون حق الطعن في القرار.

واستعادت الحكومة السورية سيطرتها على العديد من البلدات هذا العام  بعد هجمات واسعة شملت هجمات عشوائية على المدنيين، واستخدام أسلحة محظورة تسببت  بأضرار واسعة النطاق، وأدت إلى النزوح الجماعي لآلاف السكان.

تقرير: سوريا غير صادقة في إعادة النازحين.. هدفها جذب التمويل الدولي

 

من د. كمال إبراهيم علاونة

أستاذ العلوم السياسية والإعلام - فلسطين