نختتم في هذه الحلقة، الحديث عن وسائل الدعوة إلى الله في عصرنا الحاضر، ونكمل عرض خدمات الشبكة العنكبوتية المستخدمة في الدعوة إلى الله:

ثالثا: نقل وتبادل الملفات:

الملف هو الوحدة التي يتم تخزين البيانات والمعلومات فيها، ويختلف حجم الملف تبعا لنوعه ؛ فالملف النصي حجمه أقل من ملف الصور، والملفات الصوتية حجمها أقل من الملفات المرئية -ملفات الفيديو ويتم تنظيم الملفات المتجانسة في الحاسوب، بدمجها في مجلد واحد، مما يسهل على المستخدم الرجوع إليها عند الحاجة.

ونقل الملفات يعني نسخ تلك الملفات من حاسوب لآخر، فباستطاعة مستخدم الشبكة نسخ ملفات إلى حاسوبه من حواسيب أُخر، كما أن باستطاعته نسخ ملفات من حاسوبه إلى تلك الحواسيب.

وتسمى عملية نسخ الملفات من الشبكة إلى حاسوب المستخدم تنزيلا (Download) وتسمى العملية العكسية تحميلا أو إرسالا أو رفعًا ( Upload ). ويرمز لخدمة نقل الملفات في الشبكة بالرمز ( FTP )، ويعني قواعد نقل الملفات.

يمكن توظيف تقنية نقل وتبادل الملفات في الشبكة الدولية لخدمة الدعوة إلى الله تعالى كما يلي:

1- إنتاج نسخ رقمية مجانية من المصحف الشريف وترجمات معانيه: وينبغي أن تكون هذه النسخ الرقمية من المصحف الشريف وترجمة معانيه متوافقة مع جميع أنواع الحواسيب المكتبية، و المفكرات المحمولة، والحواسيب الكفية، والجوالات الذكية، ومع جميع أنظمة التشغيل الخاصة بها، وذلك حتى يعم نفعها مستخدمي الحواسيب بأنواعها المختلفة. وقد أصدر مجمع الملك فهد نسخة رقمية من المصحف للحواسيب المكتبية والمفكرات المحمولة، وهي مطابقة للرسم العثماني، وترقيم صفحاتها مطابق تماما لترقيم المصحف المطبوع.

2- إنشاء خوادم إسلامية لنقل الملفات: إن مقدرة المؤسسات الدعوية والجامعات في العالم الإسلامي أعلى من الأفراد لتحقيق هذا الأمر، وإذا أنشئت هذه الخوادم الإسلامية يستغني المسلمون عن الخوادم العالمية التي قد تتضمن ما يسيء لزائرها، وقد تغلق أبوابها في وجوه داخليها من خارج حدودها الجغرافية، فضلا عن إمكانية تعرض محتوياتها الإسلامية للتزوير والتحريف من قبل المشرفين عليها، أو بعض زوارها. ويمكن أن تستخدم هذه الخوادم الإسلامية لتخزين البرامج المجانية التي يحتاجها مستخدم الشبكة مثل مشغلات الصوت والصورة، وبرامج ضغط الملفات وتنزيلها، وبهذا يستغني المسلم عن الدخول للمواقع الأصلية للشركات المنتجة لتلك البرامج، أو المواقع الخاصة بتنزيل الملفات والتي غالبًا ما تتضمن دعايات سيئة.

3- ينبغي الحرص على أن تكون الملفات المخزنة في خوادم الملفات مضغوطة، مع ضرورة توخي ا لدقة في تسمية الملفات، بأن تكون أسماء الملفات دالة على محتوياتها، فالمحاضرات والدروس العلمية تسمى ملفاتها بأسماء المشايخ والعلماء الذين قاموا بإلقائها، أو بأسماء الكتب التي كانوا يشرحونها، أو بعناوين المحاضرات التي ألقيت، أو ما هو أفضل من ذلك الجمع بين عنوان الدرس واسم المحاضر.

4- يمكن للدعاة إلى الله تعالى التواصل فيما بينهم وتبادل الملفات، ونشر إنتاجهم الفكري المقروء أو المسموع عن طريق جعل الحاسوب الشخصي في وضع الخادم أو دون اتصال بالشبكة، ويستغنون بهذا عن مواقع التخزين العامة في الشبكة، والتي قد تضع ضوابط على هذه الخدمة تحول دون استفادة الدعاة منها، فضلا عن الإعلانات التجارية التي قد لا تخلو من مضامين سيئة.

5- يستطيع الداعية تخزين ملفاته في الشبكة الدولية، والدخول إليها من أي مكان يتوفر فيه اتصال بالشبكة، دون الحاجة لحملها معه في هيئة أوراق، أو في وسائط التخزين الرقمية المختلفة، وتتيح بعض المواقع هذه الخدمة مجانًا، والبعض الآخر يتيح هذه الخدمة مقابل رسوم.

وغير ذلك الكثير مما يتيح للداعية إلى الله تعالى استخدام نقل وتبادل الملفات في الدعوة إلى الله تعالى.

رابعا: المنتديات: وتسمى أيضاً ساحات النقاش، وفي المنتدى يتبادل مجموعة من الأشخاص الأفكار والمعلومات فيما بينهم في موضوع ما من خلال سبورة إلكترونية كبيرة، حيث يستطيع كل واحد أن يبعث رسالته إلى الآخرين حول الموضوع، ثم يردَون عليها إن أرادوا.

ويستطيع الداعية أن يخدم الإسلام بواسطة المنتديات من زاويتين: الأولى: إنشاء المنتديات الدعوية المفيدة، وهذا يدخل في إنشاء المواقع النافعة، والثانية: المشاركة الفعالة في مثل هذه المنتديات والرفع من مستواها، والارتقاء بها، وتفعيل دورها في الدعوة الإسلامية.

ويمكن الدعوة من خلال المنتديات ببعض المشاركات الدعوية ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:

1) نشر عنوان موقع إسلامي جديد وما يحتويه من مواد شرعيه وأهم ميزاته.

2) نشر بعض محتويات موقع إسلامي متميز ومناسب في وقت مناسب، كموقع عن الحج في شهر الحج أو موقع عن الصيام في شهر الصيام.

3) نشر جديد المواقع الإسلامية مع روابط متكاملة للمواضيع الجديدة.

4) المشاركة الفعالة عن طريق مقال جيد.

5) تشجيع كاتب متميز مقل.

6) جمع روابط موضوع معين تمس الحاجة إليها.

7) تذكير الناس بعبادة يحين وقتها قريباً، كصيام عاشوراء والأيام البيض.

8) تذكير الناس بأحكام فقهية يحين وقتها، كالحج وصيام رمضان.

9) تنبيه الناس على بدعه أو منكر، أو خطأ يقع فيه بعض الناس.

10) تنبيه الناس على منكر معين، والمساعدة الفعلية في محاولة إزالته.

11) تنبيه الناس على خطأ وقع فيه صاحب مقال، في حدود آداب الإسلام في الحوار والنصيحة بالتي هي أحسن.

12) وعظ الناس وتذكيرهم بالله عز وجل، والتنويع في كل مرة، ما بين آية وحديث وموعظة وقصة وفلاش دعوي.

13) الدلالة على باب من الخير كمشروع خيري، من جمعية أو مؤسسة خيرية.

14) الدلالة على محتاج إلى خدمة عاجلة، كمحتاج إلى فصيلة دم نادرة مثلاُ.

15) إفادة الناس بخبر جديد وبشرى للمسلمين.

16) تفنيد خبر كاذب، أو إشاعة باطلة بالدليل والبرهان.

17) التعاون في مجال الدعوة، ونقاش أفضل الطرق والوسائل في باب معين.

18) نجدة الزوار من محتاجين المساعدة، بالدلالة على موقع، أو مقال ونحو ذلك.

19) إصلاح ذات البين بالحسنى، بين من تحصل بينهم مشاحنات أو مناقشات حادة.

خامسا: النسيج العنكبوتي العالمي: يمكن لنا أن نعرف النسيج العنكبوتي العالمي بما يلي: هو ذلك الجزء في الشبكة الدولية، الذي تبدأ عناوين مواقعه بالبادئة (http )، وتظهر فيه الصور، والألوان، والأصوات، والحركات، وهو الواجهة المحببة والميسرة لعامة مستخدمي الشبكة حتى أن كثيرًا من الناس يعتقد أن الشبكة الدولية هي ذلك النسيج فحسب. ويتم استعراض محتويات النسيج العنكبوتي باستخدام برامج خاصة تسمى المتصفحات وأشهرها: متصفح( Internet explorer )، وهو برنامج مجاني من شركة مايكروسوفت.

ويمكن من خلال هذا النسيج سماع أي مادة مسجلة صوتيًا، ومشاهدة أي مادة مرئية مثل الأفلام، كما يمكن قراءة الصحف و المجلات المختلفة عبر ذلك النسيج، إذا كانت الجهات المصدرة لها قد اتخذت مواقع على الشبكة، وضمنتها تلك المواد.

وقد اتخذت معظم المجلات والمؤسسات الإسلامية العربية مواقعها على هذا النسيج في السنوات الأخيرة، وأما المواقع الإسلامية الإنجليزية فقد كانت أسبق إلى الظهور على الشبكة الدولية، وأقدم موقع إسلامي هو موقع لطيف الذي بدأ عام ١٩٩٣م، ثم ظهر موقع مدينة الإسلام أواخر عام ١٩٩٥م.

ودخل الإسلام إلى الشبكة ببطء وتردد في البدايات الأولى، لكن الذي جرى في هذه البدايات استفز نشاطًا حثيثًا للرد عليه، لأن الفئات المنحرفة أو الضالة مثل القاديانية (الأحمدية) والبهائية ومنكري السنة النبوية، كان لها حضور قوي في تلك البدايات.

وقد استطاعت هذه الفئات المنحرفة أن تسجل باسمها كثيرًا من أسماء النطاقات المرتبطة بالإسلام مثل: إسلام، الإسلام، الإسلام الحق، الله، القرآن….. إلخ؛ الأمر الذي قد يضطر الذين يريدون تقديم الإسلام الصحيح إلى استخدام أسماء نطاقات طويلة، أو تهجئة غير منتشرة، أو تسجيل أسماء نطاقات محلية في الدولة التي ينشأ فيها الموقع ( بريطانيا، أستراليا…. إلخ )، وهذا يصّعب على مستخدم الشبكة الوصول إلى هذه المواقع مباشرة ما لم يعرف عنوانها بالدقة، أو يجري بحثا عنها باستخدام أحد محركات البحث.

وكثير من المواقع الإسلامية القديمة على الشبكة أنشأها الطلاب المسلمون، أو الجمعيات الإسلامية في الجامعات الغربية في أوربا وأمريكا؛ لتوفر الأجهزة والتقنيات اللازمة في هذه الجامعات وجميع هذه المواقع تتحدث الإنجليزية أو لغات أجنبية أخرى، وتركز في الغالب على نشر معلومات عن الإسلام والمسلمين والرد على بعض الشبهات والافتراءات، إضافة إلى الدعوة لأنشطتها وبرامجها.

ويمكن معرفة كثير من المواقع الإسلامية المفيدة من دليل سلطان للمواقع الإسلامية (www.sultan.org). أو عن طريق محرك البحث جوجل، وغيره من محركات البحث الأخرى.

يمكن استخدام النسيج العنكبوتي العالمي للدعوة إلى الله تعالى على النحو التالي على سبيل الذكر لا الحصر:

1- إنشاء المواقع الدعوية: ومن أهم أنواع المواقع الدعوية التي يمكن إنشاؤها المواقع المتخصصة لنشر القرآن الكريم وتعليمه، و المواقع النسيجية للدعاة، المواقع النسيجية للمؤسسات الدعوية، والمواقع المتخصصة في نشر العلوم الشرعية عن بعد، ومواقع الطفل المسلم العربي، والمواقع النسيجية الإسلامية لنقل الملفات.

2- التعاون مع أصحاب المواقع الإسلامية و مناصحتهم: وهذه مهمة يستطيع أن يقوم بها كل داعية يتصفح الشبكة بحسب إمكاناته وقدراته، فالمؤمن مرآة أخية، وكل داعية يسره نجاح الآخرين في دعوتهم، ومن أبرز صور التعاون مع أصحاب المواقع الإسلامية تزويدهم بالمقالات المفيدة، وغير ذلك مما يمكن للداعية أن يقدمه لأصحاب هذه المواقع الإسلامية.

3- التعاون بين أصحاب المواقع الإسلامية: ويمكن أن يتم ذلك بأن يعلن كل واحد منهم عن الآخرين في موقعه، وذلك بوضع إعلان صغير في آخر الصفحة، أو جانبها، ويمكن أن يكون هذا الإعلان صورة متحركة متغيرة على هيئة (gif).

4- الاستفادة من سجلات الزوار في المواقع النسيجية: قد يتردد بعض الدعاة  بحكم طبيعة عملهم  على مواقع نسيجية لبعض الشركات والمؤسسات العربية أو الأجنبية، وتتضمن بعض هذه المواقع سجلات للزوار يدون فيها الزوار ملاحظاتهم واقتراحاتهم الخاصة بالموقع، وقد تكون هذه السجلات مفتوحة أي يمكن لزوار الموقع قراءة جميع ما يكتب فيها، وقد تكون مغلقة أي تستقبل فقط و لا تتيح قراءة ما يكتب فيها لزائريها، وفي كلا الحالتين يمكن للداعية استخدام هذا السجل للدعوة إلى الله تعالى، سواء في ذلك دعوة غير المسلمين إلى الإسلام في الموقع غير العربية، أو مناصحة أصحاب الموقع إن كانوا مسلمين ضمنوا موقعهم بعض المحرمات.

سادسا: مواقع التواصل الاجتماعي: هذه المواقع الثلاثة (تويتر، يوتيوب، الفيس بوك) تعتبر من أقوى وأكثر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلالها يمكن التواصل مع أي إنسان في أي مكان وزمان، لأجل ذلك تنبه الكثير من الصالحين والدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إلى ضرورة المشاركة في هذه المواقع، وتم عمل صفحات شخصية للكثير من العلماء والدعاة لمخاطبة الجماهير ونشر الدين والدعوة داخل العالم العربي والإسلامي وخارجه.

ويمكن عمل النصيحة وبأساليب كثيرة من خلال الكلمة القصيرة عبر التويتر ومن خلال مشاهدة مقاطع الأفلام التوعوية والتي تحمل في طياتها النصح والتوجيه للعصاة أو غير المسلمين، أو وضع صفحة على الفيس بوك تتضمن النصائح والتوجيهات، وفيما يلي بعض الأمور المساعدة على توجيه النصيحة في مثل هذه المواقع:

أولا: عمل مجموعات خاصة وعامة تدعو إلى الحث على الفضيلة ونشرها بين الناس.

ثانيا: مراسلة جميع المشتركين في نفس الموقع والذين تم التواصل معهم مسبقاً بما يراد توصيله من قيم وأخلاق ونصائح وغيرها من أعمال فاضلة.

ثالثا: معارضة المجموعات التي تقوم بتشويه صورة الإسلام، والضغط على مواقع التواصل الاجتماعي لأغلاقها، وهذا ما حدث ويحدث مراراً وتكراراً وخاصةً في موقع الفيس بوك فيتم الاستجابة لذلك الطلب ويتم اغلاقها.

رابعا: عمل بعض المقاطع المؤثرة لبعض العلماء بالصوت والصورة وتحميلها في اليوتيوب، أو عمل رابط لها ونشرها في التويتر، وبذلك يتم ايصالها إلى أكبر عدد ممكن.

ولا شك أن الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في الدعوة إلى الله أمر مهم إذ لا تشكل عناء للناصح ولا مشقة، فالناصح مطالَبٌ بتطوير وسائل النصح حسب العصر بما يتناسب مع الشريعة الغراء، وبما يحقق الهدف المرجو من النصيحة، والإسلام لم يفرض علينا النصح بطرق ووسائل محددة لا يمكن أن نتجاوزها وأن نبتكر فيها أو نجدد في رحابها، بل ترك لنا مساحة كبيرة للابتكار ووضع لنا قاعدة ثابتة في السير على منهج الدين، بدون إفراط ولا تفريط، فالوسائل لها حكم الغايات، فمواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة «الفيسبوك» و«تويتر» استحوذت على عقول كثير من الناس، وبخاصة الشباب منهم، مما يجعلنا نؤكد على ضرورة التوجه صوب هذه الوسيلة لاغتنامها في الدعوة الإسلامية، من خلال دعوة غير المسلمين للإسلام وتعريفهم به، ودعوة الشباب المسلم للتمسك بدينه وعدم الولوج في بحر الظلمات المليء بموبقات التواصل مع الآخرين، وهي لا تخفى على أحد.