المدرسة التغريبية العلمانية المعاصرة، في سعيها الماكر، ضد منهجية التحاكم للنصوص والشريعة الإسلامية، في خطوة لإزالة الفارق بين العقائد والشعائر الخاصة بالإسلام، كدين رباني خاتم للرسالات السماوية إلى الأرض، وهي تهدف لخلط المفاهيم وهدم الفوارق العقدية بين الإسلام الحق وغيره من ملل الباطل، ومن ثم تسعى العلمانية إلى ما يعرف ببناء مجمع الأديان وهي دعوة للمساواة بين غير متشابهين أو متماثلين، ومن الظلم ومن الجور المساواة بين التوحيد لله وأفراده بالعبودية الشاملة، ودعوات التثليث أو جعل الخلق لله والحاكمية للبشر من خلال نظم التشريع المعاصر التي لا تقيم وزنا للنصوص أو لفهم الجيل الأول جيل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لها.

جاء الإسلام ليقيم بنيان الخصوصية العقدية للأمة الإسلامية مع ملازمة القواعد العامة بالرحمة بالمخالف فالخصوصية صيانة لأصول الاعتقاد ومظاهر التعبد لله عز وجل من خلال قول الله عز وجل “لكم دينكم ولي دين”، والأمر بمخالفة أهل الكتاب أمر لازم لأن به يظهر مكنون الاعتقاد وتتحدد معالم المفاصلة في دقيق التشابه وكثيرة مع المخالفين من اليهود أو النصارى.

الهدي الظاهر أحد أهم خصائص التميز العقدي للأمة الإسلامية سواء في تخصيص أماكن للعبادة مثل المساجد ومناراتها وما تابعها من أدوات تحقق الخصوصية لهذا الدين من ثياب خصصته الجاهلية الشيطانية للنصارى أو لليهود فمن باب أولى حراسة هذه الخصوصية بعيدا عن المسلمين وجاء الإسلام يؤسس حين قال صلى الله عليه وسلم “ومن تشبه بقوم فهو منهم”، ومن هنا علينا أن ندرك جميعا خصائص المخالفين العقدية والسلوكية حتى نفارقهم فيها صيانة للحق الذي معنا من أن يتشابه مع الباطل الذي معهم لمجرد التوافق في الظاهر أو الباطن الذي لا نراه إلا من خلال دلائل الولاء الظاهر في كافة نواحي الحياة.

تتحدد معالم الولاء داخل كل دولة من خلال تخصيص قطعة من القماش وتمييزها بألوان محددة لتكون شارة اجتماع أبناء الوطن الواحد هكذا تؤسس العلمانية المعاصرة للواقع الذي نعيشه. أليس من باب أولى قبول حاكمية الشريعة والنصوص الصحيحة لمظاهر حياة المسلمين لتكون حارسة للثوابت والأصول؟

العلمانية تلتزم حرفيا بفروع مفاهيمها في شتى الجوانب ثم تلجأ إلى محاربة فروع الهدي الظاهر المؤسس للتميز الإسلامي بدعوى القشور واللباب وهي دعوى ماكرة يهدم أركانها فول الله عز وجل “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة”، والسلم هو الإسلام والمراد قبول الإسلام عقيدة وشريعة إخلاص واتباع باطن وظاهر اقتصاد وسياسة ثوابت وحضارة وتطور مع ملازمة قواعد عامة لتحقيق الاعتقاد السليم والهدي القويم.

فالمحافظة على الخصوصية في كافة مظاهر الحياة ليظهر من خلالها دقائق العبودية لله احد أركان الاستقرار العقدي للبشرية لأنها تؤسس لاستفزاز النفس نحو التفكير حال مفارقة أهل الحق لكل أدوات وآليات التشابه مع أهل الباطل في كافة شئون الحياة.

من د. أحمد زايد

أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر