حذّرت مجموعة رباعي حصار قطر مما وصفته بـ «تدخل تركيا وإيران في الأزمة السورية»!!

وهذا أمر مثير للشفقة، إزاء ما وصلت إليه سياسات دول الحصار «السعودية – الإمارات – البحرين ومصر» من تناقضات عجيبة، هذه الدول تتدخل بشكل سافر في شؤون دولة عربية مستقلة مثل قطر، وتحاصرها براً وبحراً وجواً منذ 5 يونيو من العام 2017، لكنها في الوقت نفسه، تخرج علينا الآن لتطالب إيران وتركيا بوقف تدخلها في سوريا، ألا يستحيي القوم، ألا يشعرون بالخجل من مثل تلك المواقف المتناقضة والعجيبة؟!!

في الأساطير الفرعونية حكاية وجدت منقوشة على إحدى البرديات القديمة، تدور القصة حول اثنين من الإخوة، أحدهما يسمى الصدق والآخر الكذب، استعار الصدق يوماً سكيناً من أخيه الكذب وضاعت منه، وعندما علم الكذب بذلك قام بمطالبته بها، وعندما أخبره أنها ضاعت، طلب الاحتكام لمحكمة «التاسوع الإلهي التي يرأسها التمساح» وفقاً للمعتقدات الفرعونية القديمة.

أعطى الكذب للمحكمة مواصفات خيالية لسكينه، وطالبهم بأن يحكموا على الصدق بأن تُسمل عيناه ويُعيّن حارساً على باب بيت الكذب، وبالفعل تمّ له ما أراد، كان الصدق بهي الطلعة حسن المظهر رغم أنه كان أعمى، وهذا لم يعجب أخاه الكذب، فأمر اثنين من الخدم أن يلقيا به إلى أسد مفترس، لكن الصدق نجا من تلك المكيدة، واستمر أخوه في تدبير مزيد من المكائد له.

بعد فترة من مكائد الكذب ونجاة الصدق منها، ونتيجة لإحدى مكائد الكذب، شاهدت إحدى الخادمات الصدق مرمياً عند سفح جبل، ولم يكن في البلاد بأسرها من هو أجمل منه هيئة، فعادت الخادمة وأخبرت سيدتها بأمر الصدق، وتحدثت عن جمال هيئته، فأمرتها بإحضاره إليها..

وضعت السيدة ابناً لم يكن في البلاد بأسرها مثله في الجمال والمظهر، وتم إدخاله المدرسة، وتعلم كل شيء، بل وتفوق على كل زملائه، ومن هم أكبر منه سناً، وفي يوم من الأيام قال له زملاؤه: ابن من أنت؟!! نحن لا نعرف لك أباً، فتأذى الابن من ذلك، وذهب إلى أمه وسألها هذا السؤال، فأخبرته أنه ابن الرجل الضرير الذي يقف حارساً على باب البيت.

وعلى الفور طلب عقد اجتماع لأفراد العائلة، وأن يحضر تمساح هذا الاجتماع، أحضر الابن أباه وأكرمه وطلب منه أن يخبره بسبب فقدان بصره، وقصّ عليه أبوه ما حدث، وأن عمه الكذب هو الذي فعل ذلك، عندئذ انطلق الابن ليثأر لأبيه، وأخذ معه ثوراً كبيراً وذهب إلى حيث توجد ثيران الكذب، وأعطى كل ما لديه للراعي مقابل أن يرعى له ثوره لحين عودته من المدينة، فوافق الراعي.

بعد عدة أشهر، كبر ثور ابن الصدق وكان أجمل الثيران، وجاء الكذب ليتفقد ثيرانه فأعجبه هذا الثور بالتحديد، وقال للراعي أعطني إياه لأذبحه، فرفض الراعي لأنه ليس ملكاً له، ولكن الكذب أصرّ وأخذ الثور، وقال للراعي: أعطِ صاحبه ثوراً آخر من ثيراني بدلاً منه!!

عندما علم ابن الصدق أن عمه الكذب استولى على ثوره، ذهب إلى الراعي وطالبه بثوره، فأخبره بما حدث، وقال له اختر ما شئت من الثيران بدلاً منه، لكنه رفض وقال له: لا يوجد ثور في ضخامة ثوري الذي أحد قرنيه فوق تل الشرق والآخر فوق تل الغرب.

تعجب الراعي وقال له، هل يوجد ثور بهذه الضخامة؟! وأخذه إلى الكذب ثم ذهبوا إلى محكمة الآلهة، ولكنهم قالوا له إننا لم نسمع عن ثور بهذه الضخامة، فرد عليهم الابن قائلاً، وهل سمعتم عن سكين بالضخامة التي أخبركم بها عمي الكذب؟!!

في النهاية، تم الحكم على الكذب بأن تُسمل عيناه ويُعيّن حارساً على باب منزل ابن الصدق، ومنذ ذلك الحين، لا يزال الكذب يقف بعينيه الضريرتين يمارس أكاذيبه المعتادة على باب منزل ابن الصدق، هكذا تقول الأسطورة الفرعونية القديمة.

مقالات الكاتب أحمد حسن الشرقاوي

من محمد السخاوي

باحث سياسي