الكيان الصهيوني في فلسطين أسس نظريته الأمنية منذ تأسيس الدولة في 15 مايو 1948 على امتلاك «سلاح فتاك» لا يمكن لخصومه وأعدائه من أصحاب الأرض الأصليين أن يمتلكوه، وهو يحرص على حرمانهم طوال الوقت من امتلاكه. هذا السلاح هو القنابل النووية.

وتشير التقارير الدولية إلى امتلاك دولة الكيان الصهيوني أكثر من 200 رأس نووي على أقل تقدير.

وفي مذكرات وزير الحرب الصهيوني الأسبق موشيه دايان تأكيدات تتعلق بقيامه بتجهيز (سلاح غير تقليدي يعتقد أنه قنبلة نووية) خلال الفترة التي سبقت حرب يونيو من عام 1967، باعتبارها خياراً أخيراً في حالة سقوط عاصمة الكيان «تل الربيع»، أو كما يطلقون عليها «تل أبيب» في يد الجيوش العربية.

حدثت بعد ذلك الخيانات المعروفة تاريخياً، واستطاعت دولة الكيان تركيع جيوش 4 دول عربية في وقت واحد، واحتلال أراض تعادل أضعاف مساحتها آنذاك في شبه جزيرة سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، ومناطق الوصاية الأردنية في الضفة الغربية والقدس، وأخيراً قطاع غزة!

بعد تلك الحرب التي أطلق عليها الكيان اسم «حرب الأيام الستة»، تخلص الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من صديقه اللدود المشير عبد الحكيم عامر، الذي حرمه طوال الوقت من السيطرة على الجيش، وبدأت محاولات ناصر للكر على جيش الكيان الصهيوني، لاستعادة الأراضي المحتلة فيما عرف بـ «حرب الاستنزاف».

من بين الإجراءات التي قام بها ناصر هي تعيين الجنرال أمين هويدي مديراً لجهاز الاستخبارات العسكرية، ثم مديراً للمخابرات العامة.

المهم أن هويدي بعد خروجه من الخدمة في عهد السادات كتب مؤلفاً مهماً بعنوان: «الصراع العربي- الإسرائيلي بين الرادع النووي والرادع التقليدي».

خلاصة فكرة الكتاب هي أن الأسلحة التقليدية غير النووية مثل السلاح الكيماوي أو الجرثومي وغيره، كفيل بردع دولة الكيان عن القيام بمغامرات عسكرية ضد البلدان العربية.

بعد مرور كل هذه السنوات على الصراع، وعلى صدور الكتاب، لم تستطع الدول العربية تحقيق معادلة التوازن الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني.

الاستثناء الوحيد أو «بيضة الديك» هي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة!

حماس وذراعها العسكري، المتمثل في كتائب الشهيد عزالدين القسام، يتشبثان بموقف مفاده أن كل هجوم صهيوني على قطاع غزة سيواجه برد مناسب مهما كان حجم التضحيات.

ولا شك أن تثبيت هذه المعادلة يجعل الصراع مع الكيان الصهيوني منضبطاً في إطار الردع المتبادل بين الطرفين.

لكن للأسف الشديد فإن دولاً عربية كثيرة تضغط على حماس لفرملتها عن الرد.. ويريدون منها أن تبتلع لسانها، وتصم آذانها، وتغمض عيونها عن الانتهاكات اليومية التي يقوم بها جيش الكيان ضد الشعب الفلسطيني الأعزل!! مثلما تصمت مصر عن انتهاك الطائرات الصهيونية المسيرة والعادية لمجالها الجوي فوق شبه جزيرة سيناء، وتصمت دول عربية أخرى عن تصفية مقاومين فلسطينيين على أراضيها (دبي وتونس مثلاً)، لكن حماس تدرك أن الموازين العسكرية المختلفة لصالح الكيان لا تقف في مواجهة إرادة التصدي والمقاومة للعدوان.

الإرادة الحمساوية القسامية هي التي ابتكرت الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، لتبطل مفعول القبة الحديدية الصاروخية لدى الكيان الصهيوني، وتكبده خسائر ضخمة في الممتلكات داخل المستعمرات المبنية على أراض عربية مغتصبة. الدرس القسامي للجيوش العربية هو: «إذا أردت.. استطعت».

أو كما يقول المثل الانجليزي: «Where is a will, There is a way.»

مقالات الكاتب أحمد حسن الشرقاوي

من محمد السخاوي

باحث سياسي