ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال شهر رمضان

◆ سمير حسين زعقوق

تقع موريتانيا في الشمال الإفريقي وتحديداً المنطقة التي تعرف باسم “المغرب العربي”, ويتشكل 80% من السكان من البربر والعرب الحسّانيين أو “البيضان” – أي البيض- وهؤلاء يقطنون في الشمال الموريتاني وفي الوسط, أمّا “الزنوج” الموريتانيون فيقطنون في جنوب موريتانيا وهم ينحدرون من النيجر والسنغال ومالي.

واللغة العربية هي اللغة الأصلية والغالبة في موريتانيا مع وجود مكثّف للغة الفرنسية المنتشرة خصوصًا في وسط الزنوج الموريتانيين , وقد نصّ البند الثالث من أول دستور موريتاني لعام 1961 بعد التعديل على أنّ اللغتين العربية والفرنسية هما لغتان رسميتان في البلاد .

والإسلام، حسب الدستور الموريتاني، هو دين الدولة، ودخل إلى موريتانيا مع “موسى بن نصير” في سنة 708م عندما وطـَّد المسلمون وجودهم في بلاد المغرب انطلقوا جنوبًا نحو موريتانيا لمواصـلة نشـر الدعـوة الإسـلامية، وتبلغ نسبة المسلمين فيه5,99% وتعرف ببلد المليون شاعر وبلد حفظة القرآن.

رمضان موريتانيا

تشهد المساجد الموريتانية إقبالا متزايدًا خلال شهر رمضان، خاصة من الشباب الذين يحرصون بصفة خاصة على حضور صلاة التراويح للمشاركة في القنوت والدعاء للمسلمين الذين يعانون الظلم في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في فلسطين المحتلة.

ويشتهر رمضان في موريتانيا بأنه شهر يمتزج فيه العمل الروحاني بالعمل الخيري الاجتماعي الذي يجعل من شهر الصيام اللحظة الوحيدة التي يتذكر فيها الغني الفقير. ففي رمضان يتردد الموريتانيون على المساجد وعلى حلق العلم، ومن عادتهم في مجال العبادة المثابرة على قراءة التفسير في المساجد، كما ينظِّم أغلبهم حلقًا لتدارس كتب الحديث في البيوت، وينشط العلماء والوعاظ في المجالس العامة.

كما يتم تحفيظ القرآن الكريم للنشء في هذا الشهر الكريم وغالبا ما تجد طفلا لم يتجاوز العاشرة قد حفظ كتاب الله، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان يختم القرآن الكريم في المساجد وتقام المدائح النبوية، كما يحرق البخور لطرد الشياطين.

نَبْـتَة رمضان

من عادة الموريتانيون حلـْق شعر رأس أطفالهم أو تخفيفه في رمضان تبركا بهذا الشهر الكريم، وهو تقليد أصيل هدفه التبرك بالشعر الذي ينبت برؤوسهم في شهر رمضان المعظم والذي يطلقون عليه “نـَبْتة رمضان”.

ورغم أن حلاقة الرأس عادة قديمة في موريتانيا، لكنها ما تزال متبعة في كثير من الأوساط يواظب عليها كثير من الكبار ويتسابق إليها الأطفال، خاصة في الأسبوع الأول من رمضان وهم يرجون طول العمر وبركة الشهر والفوز بـ”نبتة رمضان”، ويحرص الكبار أيضا على الفوز بـ” نبتة رمضان”  خصوصا في الريف، فقد تخلى سكان المدينة عن هذه العادة منذ سنوات.

وبصفة عامة تحمل عادات الشهر المبارك في موريتانيا مسحة دينية واضحة بين الانصراف إلى العبادة والدروس الدينية في ورع وتقوى وتبادل الزيارات.

إفطار جماعي
إفطارات جماعية

الطعام في رمضان موريتانيا بسيط لا يتطلب تحضيره الكثير من الوقت والجهد عكس باقي الدول العربية، حيث لا تبذل المرأة الموريتانية مجهودا كبيرا في تحضير مائدة الإفطار التي لا تزيد في أغلب الأحيان عن حساء وتمر وقدح من لبن الإبل الطازج والشاي.

وتكاد لا تختلف الوجبات في شهر رمضان كثيرا عن بعضها لدى أغلب العائلات ، فبعد يوم طويل يتحلق أفراد الأسرة حول سفرة فوق الأرض مرتدين اللباس التقليدي وجالسين على الأرض.

وتنظم الجمعيات الأهلية إفطارات جماعية، للمحتاجين في الأحياء الشعبية والمساجد والمحاظر القرآنية (المدارس القرآنية)، حيث يتواجد عشرات الطلاب. وتقديم الحكومة وجبات الإفطار الجماعية وتوزع المواد الغذائية الأساسية لإفطار الصائم على المساجد والمدارس القرآنية في نواكشوط وفي الولايات الداخلية.

صلاة التراويح
ما بعد التراويح

وبعد الانتهاء من التراويح يبدأ الناس في التزاور، وتبادل أحاديث السمر، ويحتل الشاي أهمية خاصة فهو حاضر في جميع الجلسات والتجمعات، وفي رمضان يكون الشاي أول ما يتذوقه بعض الصائمين الذين أدمنوا على شربه وباتوا يشعرون بدوار وآلام الرأس إذا لم يتناولوه في الموعد المحدد.

تسحير بالمحمول

يتم الإيقاظ للسحور عن طريق رنات الموبايل أو الرسائل القصيرة ورغم ذلك فإن الاستيقاظ وقت السحور قد يصعب بالنسبة للبعض، مع قيام عدد من الفتية المتطوعين بالطواف في الشوارع يقرعون الدفوف، قبل موعد الإمساك بساعة ونصف؛ لإيقاظ الموريتانيين للسحور، ولوحظ في الفترة الأخيرة أن جيلا جديدا من”المسحراتية” بدأ في الظهور حيث يتطوع مجهولون، بالاتصال بعشرات الهواتف المنزلية كل ليلة وبشكل عشوائي؛ إعلانا بوقت السحور، ويتسم هؤلاء المتطوعون بالسلوك الطيب والرزانة في القول والفعل.

وتقوم الحكومة الموريتانية ببيع السلع الرمضانية بأسعار مدعمة؛ وذلك لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية مع إطلالة الشهر الكريم من كل عام.

وتخصص الإذاعة والتلفزيون، وهما المحطتان الوحيدتان في البلاد، برامج خاصة برمضان، وتتوقفان عن بث الموسيقى طيلة الشهر الكريم، لتفسح المجال أمام البرامج الدينية المتنوعة المسجلة، والمباشرة، حيث تناقش القضايا المرتبطة بالصوم وترد على أسئلة واستفسارات المشاهدين والمستمعين، وكذلك تقوم بنقل الدروس والمحاضرات مباشرة أو مسجلة، كما تنظم مسابقات ثقافية متنوعة، ومسابقات في حفظ وتجويد القرآن الكريم.

من د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت