هذا العمل هو منهج العقلاء في معايشة المدافعة الواقعية لمكر الخصوم، حال تكتلهم داخل الجسد العام للأمة أو داخل الأطياف الجامعة للمكون الجامع في عمومه.

ليس من الحكمة استنزاف الوقت والعمر وجهود الأولياء والأخلاء في كثرة التوصيف لمنهجية أصحاب الجحيم وأتباعهم من المناهج المنحرفة عامة والليبرالية خاصة إلا توصيفاً يكون حاملاً على إدراك نقاط القوة في الأولياء لاستثمارها أو نقاط الضعف في الخصوم للاستفادة منها ومن ثم السعي لتكوين تيار جمعي لعموم أبناء الأمة الإسلامية المباركة.

علينا أن ندرك أنه :-

لن يتوقف شياطين التغريب عن سعيهم لتغريب العقول والمفاهيم ومن ثم يتم امتلاك ناصية الوعي في المجتمع.

فيجب علينا أن نهتم بما نستطيع أن نفعله لتكوين النواة الصلبة لمعركة الوعي العميق والشامل والتاريخي الذي يسع جموع أبناء الأمة داخل أطياف المجتمع المعاصر.

الرهان كل الرهان على تفاعل أهل الإسلام والسنة والجماعة وليس على توقف خصوم الأمة الإسلامية لأنهم لم ولن يتوقفوا عن مكرهم مادام الليل والنهار سواء أبناء مدرسة العلمانية أو الباطنية أو الغلو والتكفير والإرجاء على السواء ، بل الرهان على استثمار عموم أبناء أهل السنة في سعيهم لتكوين الكتلة الصلبة التي تسعى جاهدة على تحقيق النقلة في الواقع أو تحقيق التوازن مع قوى الشر العلماني داخل الواقع الداخلي للأمة أو الخارجي.

حدد المهمة الإصلاحية أو التوعوية التي سوف يتمدد بها العمق المعرفي للأمة ومن ثم تحرك بالممكن والمتاح من وسائل تساعد على تأصيل الخير وهجر سبيل الشر أو تقليل آثار التمدد الفكري له في عالم الواقع المعاصر.

ما أجمل الوعي بطبيعة مكر الخصوم لتحقيق التوازن في المدافعة لهذا المكر وهذا البلاء العام للأمة الذي يرفعه الله حال قيام كل منا بمهامه على أرض الواقع مستوعباً تجارب التاريخ وضغط الواقع وأحلام المستقبل.

وتبدأ عملية إعادة الهيكلة بمقاومة جريمة تسطيح العقول قي واقعنا المعاصر فهي أحد جرائم العلمانية من أجل تغريب العقل العربي في الواقع المعاصر من توابع هذه الجريمة :-

– ضعف الانتماء لقضايا الأمة الإسلامية خاصة قضية الشريعة والوعي بها في مواجهة مظاهر العلمانية والتغريب للعقل العربي بعد تغريب المفاهيم عقب تسطيح العقول العربية واستبدالها الذي هو أدنى بالذي هو خير.

– أن يصبح الانتماء لقضايا الأمة انتماء إعلامي أشبه بالمظاهر الإعلامية التي لا يتغير الواقع بسببها سواء الواقع الشخصي أو المحيط الاجتماعي للفرد المسلم.

– الاهتمام بسفاسف الأمور أو صغار القضايا في زمن الأزمة العالمية للأمة الإسلامية.

– كثرة النزاعات بين المسلمين على قضايا فرعية لا تقدم ولا تؤخر في عملية الإصلاح للواقع المعاصر.

– هجر الممكن وعدم وجود رؤية للوصول للمأمول.

– الاستغراق في جدليات المسائل العلمية ومن ثم جعل المسائل الشرعية عبارة عن رؤى فقهية متنازعة ومن ثم تتهيأ العقول للتسطيح عقب فقد آلية الترجيح.

تعظيم الغير معظم من القدوات المصنوعة في دنيا الواقع الانهزامي المعاصر.

من د. أحمد زايد

أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر