تشكيل الوعي الجماهيري

كثيرًا ما نجد أحداثًا وقصصًا في حياتنا اليومية تكاد تتطابق مع ما يظهر على شاشات التلفاز عبر سيناريوهات الأفلام والمسلسلات، تلك القصص لم تكن موجودة في مجتمعاتنا قبل أن تعرض على الشاشات المتلفزة إلا قليلا، لكن بعدما تم عرضها على انهها تحاكي الواقع وتشرحه وتوضح ما يحدث في المجتمعات، لم تساعد بذلك على توعية الناس بها أو إيقاف من شرد عقله نحوها، بل بتوضيحها وتوضيح طرق فعلها للناس لكي يفعلون مثلها ويحتذون حذو فاعلها.

مثال: مسلسل يعرض حاليا قصة ما لشخص مريض يعتدى جنسيا على القاصرات المراهقات ثم يقتلهم بطرق شنيعة، ثم تجد بعد عرضه بأيام، قصة مشابهة جدا لنفس السيناريو يحدث في الحقيقة بإحدى القرى أو المدن.

وعند سماعك للقصة الحقيقية تجد القاتل لم يكن له أي سوابق جنائية من قبل وكان يشهد له بالأدب والالتزام، ولكن من خلال الإعلام والميديا تتغير العقول وتتبدل ويترسخ فيها مع الوقت ما كان مرفوض من قبل، بسبب الدين والعادات والمبادئ والتقاليد، ومع الوقت تتبدل الشخصيات وتصبح مسخًا مريضا مما يظهر على التلفاز.
وبذلك تصنع الميديا العقول وترسخ الفساد وتجعله ينتشر بحجة محاربته وفضحه!

الإعلام أداة فعالة وقد سيطر عليه اليهود منذ زمن بعيد، وها هي أفلامهم الآن تقول ذلك للعالم اجمع عبر قصص فيلمية تظهر اليهود أذكياء متحكمون في كل شيء وبالذات منذ بداية القرن العشرين مع انطلاقة هوليود.

هوليود وديزني للعبث بالعقول

أما في زمننا هذا أصبح امتطاء اليهود لعقولنا منذ الصغر أيضا، هم لم يتركونا نكبر لكي يعبثوا بعقولنا وقتها، فقد امتلكوا هوليود وديزني وها هي الأخيرة أطلقت أول أفلامها الكرتونية منذ أيام والتي تبث به مشاهد مثليه جنسية صريحة أمام أطفالنا لكي يربوا هم أولادنا بدلا منا منذ الصغر ولكن يربونهم على ماذا؟ على اختيار ميولهم الجنسية أن كانت شاذة أو كانت ثنائية الجنس ما هذه الحقارة وهل العالم ذاهب إلى دعارة؟

وبدلا من أن يتفرغ الأب والأم لبعض الوقت، لكي يتحدث كل منهم مع أولادهم عن الحرام والحلال وما هو مشروع وما هو مرفوض، قد تركناهم نحن لليهود المتحكمين في الميديا العالمية وتركنا دورنا لِألدِّ أعدائنا وجلسنا بجانب الحائط نبكي ونضرب الوجوه ونصرخ لضياع هويتنا ومبادئنا.

وهذا لم يحدث فجأة بل حدث بعدما تم ضخ سيل من الإيحاءات والصور والمقاطع والرسومات الجنسية التي كانت تظهر في الإعلانات والأفلام والكرتون بصور خفية أو صريحة تتلاعب بالعقل الواعي واللاوعي للفرد العربي.

كيف نتغلب على هذا التزييف المتعمَّد؟

ولكي نوقف كل ذلك السفه، لن نجد طريقة سوى إيقاف تلك السموم قبل أن تدخل إلى عقولنا بالبعد عن مصادرها ومصادر عرضها وضخها إلينا، وذلك عن طريق التحكم في مشاهداتنا وما يتم عرضه أمام أعيننا حتى لا نتعود عليه مع الوقت وهذا أيضا أخص به الأطفال والمراهقين.

وكلما أبعدنا الطفل عن تلك الأفلام الكرتونية كلما أبعدناهم عما بها من سموم

واليك أن تعلم أنهم يعبثون بعقولهم عن طريق الكرتون إلى سن الثانية عشر فقط، أما بعد ذلك تتسلمهم هوليود من خلال أفلامها ومسلسلاتها التي يتم بثها على نطاق عالمي وعلى أكبر القنوات العالمية والمواقع الإلكترونية بدون قطع أو تحذير لمن دون السن وتلك المسلسلات تجد بها ما لا تتخيل أن تجده…

زرع بذور الفوضى والجنس والشذوذ والعلاقات الغريبة التي ينتابك الشعور بالقيء عندما تسمعها، والسرقة والقتل والعري والشذوذ والدياثة، وكل ما كان مرفوض في عقل الطفل والمراهق يتغير مع الزمن ويصبح شيئا عاديا، يترك أخته تزني وهو يزني أو يفعل الشذوذ ويسرق ويفسد ويفعل ذلك ويدافع عنه ويقول لك هذا ليس حرام كما قالت له تلك الأفلام والمسلسلات أن الدين لا يرفضها.

وأكاد أجزم أن كل المسلسلات التي يقوم بتحميلها ملايين المراهقين العرب تبث فيهم كل المشاهد والقصص الحقيرة التي يشمئز منها البدن، لكنك تجدهم يشاهدونها بدون أي قطع لتلك المشاهد بل تجد المراهقات والبنات العرب أيضا يشاهدنها، والكارثة الأخرى تجدهم يضعون صور تلك الممثلات والممثلين على حساباتهم! وكل المشاهد المصورة لذلك الممثل الذي وضعوا صورته عارية تماما أو يظهر من خلال السيناريو بشخصية صاحب بيت البغاء أو رجل سكير! وهي تفتخر وتضع صورته على فيسبوك خاصتها وأخيها يضع تعليقًا على نفس الصورة ويضحك.
وها أنا أشاهد ذلك أمام شاشة الكمبيوتر وأبكي على حالنا… فاحذروا مما يحدث وأبعدوا أطفالكم عن تلك السموم بأي طريقة كانت، واعلموا أن الوضع أصبح خطيرًأ ولا يلتفت له أحد لان الجميع أصبح لا يفكر إلا في نفسه ولا ينشغل بأحد غيرها.

من سعيد المرتضي سعدي

باحث الدكتوراه، جامعة شيتاغونغ الحكومية، شيتاغونغ، بنغلاديش مدير، مدرسة الحضارة الإسلامية.