أحدث سقوط الخلافة وغيابها كنظام سياسي جامع للأمة وحامي لها هزة وصدمة تاريخية في وجدان الأمة وعلمائها وبدأت تظهر الدعوات من كل التيارات والتوجهات لإعادة إحيائها لتحرير الأمة من الاستعمار وتوحيد أقطارها، ولكن القوى الاستعمارية سارعت بتغيير المنظومة التي تحكم العالم العربي وعزل الإسلام عن المؤسسات التي تحكم المنطقة وأصبغتها بصبغة علمانية وقومية ووطنية، وأدركت الجماعات الإسلامية هذا الواقع في حينه -أي في القرن العشرين- وبنت هيكليتها وطريقتها في التصدي والدعوة على إنقاذ الإسلام من التهميش والإقصاء وجعله حيا في حياة شعوب الأمة وشبابها وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير بالرغم مما تعرضت له من قمع وحصار واختراقات لتوظيفها في صالح المنظومة الحاكمة للعالم العربي.

فهذا الدور التاريخي والذي يحسب للجماعات الإسلامية خدم في مرحلة تتناسب معه هذا الدور والأداء، ولكن ومع قيام ثورة الربيع العربي دخل العالم العربي مرحلة جديدة تماما وأصبحت الشعوب نفسها هي من أحدث الثورة والتغيير وهذا ما أربك الجماعات الإسلامية وتعرضت لهزة عنيفة في داخلها ولم تستوعب الحدث لأنها منذ نشوئها أغفلت دور الشعوب الاستراتيجي في إحداث الثورة والتغيير وكانت أسيرة نخبويتها وانغلاقها وتماهيها مع الواقع السياسي والإجتماعي، بعد أن كانت رافضة له في بدايتها، وغفلتها عن سنن التغيير وجهلها بأصول الخطاب السياسي النبوي والراشدي وكونه خطاب موجه للأمة بمجموعها، والأخطر هو أن تصبح أداة وظيفية بيد القوى الاستعمارية والثورة المضادة لمواجهة ثورة الأمة حينها سيكون هذا هو السقوط الأخير لها فمعركة الأمة أصبحت صفرية مع أعدائها.

وهكذا فبعد سبع سنوات عجاف مرت بها الجماعات الإسلامية فهل تدرك نفسها وتفتح لسنن التغيير والتطور بابا لتركب قطار الأمة وثورتها أم تجري عليها سنن التغيير والاستبدال؟

‏ ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ﴾

من أحمد القطان

داعية كويتي