لهذا العلم أسس ومعايير وحدود ترتبط من منبع التلقي لهذا الدين وتروي مفاهيمها بقواعد الاستدلال وتنشد حال إرادة تطبيقها شمولية فهم وعمق قراءة التاريخ ووعي الفهم للواقع المعاصر.

إدارة العمل الإسلامي، ليس مجرد الاستغراق في مفردات التوصيف للخصوم أو المدح للأولياء.. وليس مجرد التسويق للفكرة الأحادية التي توافق الحق في زاوية من زوايا الرؤية وتخالفه في زوايا فربما توافق الحق في قراءة الحال وتختلف في إدراك المآل.. وليس جهلاً بطبيعة التكوين العقدي للخصوم أو تجاهلاً لنقاط تلاقي معهم أو جحوداً لوسطية التنظير حال الحوار الذي يراد منه أن يكون أداة بلوغ الدعوة وليس مجرد استهلاك لوقت به يترسخ الباطل.

علم إدارة العمل الإسلامي يؤسس للعمل المؤسسي الأممي لأبناء الأمة فالأمة في جميع صلواتها تنادي وتقول “اهدنا الصراط المستقيم” في إشارة واضحة إلى أصل الانتماء الجامع للأمة وهو الكيان الأممي للأمة.

فكل محاولة لجعل العمل الإسلامي في جانب والأمة الإسلامية في جانب آخر محاولة عاجزة عن تحقيق المأمول سواء من الفرد أو الجماعة أو الأمة الإٍسلامية بشكل عام.

إدارة العمل الإسلامي، إدارة الأمة الإسلامية

هل من العقل إدخال بحر الأمة في سم خياط مكون من مكوناتها وإن كان المكون يحمل جزئية الحق في قضية أو حدث أو فترة زمنية محددة؟

إن محاولة الترسيخ لفكرة الاحتواء من الجزء للكل درب من دروب المحق للأمة وخصومة كونية مع المكون العام لها وعداء لقضية الاعتصام الذي هو أحد أهم سبل العلاج لقضايا التفرق والتنازع البيني بين أبناء الأمة بصفة عامة وأبناء ما يعرف العمل الإسلامي بصفة خاصة.

هي أمة إسلامية وجماعة المسلمين، هل ربحت الأمة يوماً ما عقب التمديد والرعاية لمفهوم الاجتزاء أو الاختزال للأمة حتى يراها البعض هي مجموعة من الرجال يحوط بهم سياج من مفاهيمهم الموروثة بعيد عن حقيقة شمولية النصوص وكمال وسطية التوصيف والتوظيف وعقلانية العلم الإداري الجامع للأمة الذي يدرك بمفردات الوعي الإسلامي الرشيد تقدير احتياجات الأفراد الدعوية والتجمعات البشرية من مجموعات أو جماعات أو أحزاب أو دويلات قائمة هي في جملتها مكون رئيس للأمة، تدرك احتياجاتها وسبل إعادة التهيئة والتوظيف لها من جديد حتى يستطيع العمل الإسلامي تحقيق غايته الإدارية للأمة وهي: اكتشاف طبيعة المكون الفردي لكل أبناء الأمة ثم النجاح في إدارة هذا المكون والعمل على تطويره بحيث يحقق أمرين الأول إيجاد مهمة لكل فرد وتربية فرد لكل مهمة ومن ثم يتم سد الثغور البينية بين أبناء الأمة بصفة عامة والعمل الإسلامي بصفة خاصة.

إدارة العمل الإسلامي يرسخ في الأمة المنهجية العلمية للارتباط بأصول التلاقي مع أبناء الأمة الإسلامية بصفة عامة بعيد عن الميل الفكري لأحد المكونات وهذا ليس معناه هضم المكونات الخاصة والدلالات العقدية للفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة ومن سار على دربهم من تنوع التوصيف الاصطلاحي للفرقة الناجية والتي من دلالتها صيانة المنهج من عبث أهل البدعة مع حراسة حقوق الانتماء للدين والأمة الإسلامية والتي منها أبناء العمل الإسلامي بشكله المعاصر.

إدارة الوسع للأفراد والتجمعات الإسلامية الأحادية، إدارة الطموح لهذه التجمعات البشرية القائمة ، إدارة معايير التقييم للإشكاليات أو المشاكل الموروثة القائمة سواء التي أحد أطرافها الشركاء داخل التنوع الإسلامي في بعض القضايا أو خارج التنوع الإسلامي مع التأصيل والتأكيد على أن مخالفة ما يعرف برموز الحركة الإسلامية أو أطياف الحركة الإسلامية ليس معناه مخالفة الإسلام ، فالتسويق للخلط بين الإسلام كدين والتجمعات الإسلامية كأفراد لهم حقوق الانتماء وليس لهم حقوق الاختزال والكلام بالحق المقدس دون غيرهم من أبناء الأمة.

من د. أحمد زايد

أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر